32
الضــربـــات
 

خروج 7-10
 

أصدقائي المستمعين ..
نحييكم باسم الله ، رب السلام ، الذي يريد أن يفهم الجميع طريق البر الذي أسسه ، وأن يخضعوا لهذا الطريق ، فيكون لهم سلامٌ حقيقيٌّ معه إلى الأبد. يسعدنا أن نكون معكم مرة ثانية اليوم ، لنقدم لكم حلقة أخرى من برنامجكم ‘طريق البر’.

‘‘لا ينبغي أن تصارع البيضة مع الصخر’’. إن هذا المثل يلخص لنا ما سندرسه اليوم في الكتاب المقدس. فما الذي يحدث إذا اصطدمت البيضة بالصخر؟ إن البيضة تنكسر، ويظل الصخر كما هو. وسنرى اليوم، ما الذي حدث عندما حاول فرعون ملك مصر أن يتحدى الرب الإله، الذي يكتب عنه النبى موسى قائلاً:
‘‘هو الصخر الكامل صنيعه. إن جميع سبله عدلٌ. إله أمانةٍ لا جور فيه، صديقٌ وعادل هو.’’ (تث 4:32)

وفي دراستنا السابقة، رأينا كيف أرسل الله موسى وهرون إلى فرعون، ليحرر بني إسرائيل من العبودية في مصر. وقالوا لفرعون: ‘‘يقول الرب إله إسرائيل: إطلق شعبي ليعبدني في البرية.’’ لكن فرعون أجاب قائلاً: ‘‘من هو الرب حتى أسمع لقوله، فأطلق إسرائيل. لا أعرف الرب، وإسرائيل لا أطلقه.’’ (خر1:5-2) وباختصار، كان الله مزمعاً أن يحرر بني إسرائيل، أما فرعون فكان مزمعاً أن يبقيهم كعبيد له. إلا أن البيضة ينبغي ألا تصارع الصخر!

دعونا الآن نرجع إلى السفر الثاني من التوراة، وهو سفر الخروج، لنرى كيف حاول فرعون أن يصارع الله. يقول الكتاب:
‘‘فدخل موسى وهرون إلى فرعون، وفعلا هكذا كما أمر الرب. طرح هرون عصاه أمام فرعون وأمام عبيده، فصارت ثعباناً. فدعا فرعون أيضاً الحكماء والسحرة. ففعل عَرَّافو مصر أيضاً بسحرهم كذلك. طرحوا كل واحد عصاه، فصارت العصيُّ ثعابين. ولكن عصا هرون ابتلعت عُصِيَّهُم. فاشتد قلب فرعون، فلم يسمع لهما كما تكلم الرب.’’ (خر 10:7-12)

‘‘ثم قال الرب لموسى قلب فرعون غليظٌ. قد أبى أن يطلق الشعب. اذهب إلى فرعون في الصباح. إنه يخرج إلى الماء. وقِف للقائه على حافة النهر. والعصا التي تحولت حيةً، تأخذها في يدك. وتقول له: الرب إله العبرانيين أرسلني إليك قائلاً: أطلق شعبي ليعبدوني في البرية. وهو ذا حتى الآن لم تسمع. هكذا يقول الرب: بهذا تعرف أني أنا الرب. ها أنا أضرب بالعصا التي في يدي على الماء الذي في النهر، فيتحول دماً.
‘‘ففعل هكذا موسى وهرون كما أمر الرب. رفع العصا وضرب الماء الذي في النهر أمام عيني فرعون وأمام عيون عبيده. فتحول كل الماء الذي في النهر دماً. ومات السمك الذي في النهر، وأنتن النهر. فلم يقدر المصريون أن يشربوا ماءً من النهر. وكان الدم في كل أرض مصر. وفعل عَرَّافوا مصر كذلك بسحرهم. فاشتد قلب فرعون، فلم يسمع لهما كما تكلم الرب.
‘‘ثم انصرف فرعون، ودخل بيته، ولم يوجه قلبه إلى هذا أيضاً. وحفر جميع المصريين حوالي النهر لأجل ماءٍ ليشربوا. لأنهم لم يقدروا أن يشربوا من ماء النهر. (خر14:7-24)

‘‘ولما كملت سبعةُ أيامٍ، بعدما ضرب الرب النهر، قال الرب لموسى: ادخل إلى فرعون وقل له: هكذا يقول الرب: أطلق شعبي ليعبدوني. وإن كنت تأبى أن تطلقهم، فها أنا اضرب جميع تخومك بالضفادع، فيفيض النهر ضفادع. فتصعد وتدخل إلى بيتك وإلى مخدع فراشك وعلى سريرك وإلى بيوت عبيدك وعلى شعبك وإلى تنانيرك وإلى معاجنك.’’ (خر25:7؛ 1:8-3)

ورغم ذلك، لم يسمع فرعون لتحذير موسى. ‘‘فقال الرب لموسى: قل لهرون، مدَّ يدك بعصاك على الأنهار والسواقي والآجام، وأصعد الضفادع على أرض مصر. وفعل كذلك العرافون بسحرهم، واصعدوا الضفادع على أرض مصر. فدعا فرعون موسى وهرون، وقال: صليا إلى الرب ليرفع الضفادع عني وعن شعبي، فأطلق الشعب ليذبحوا للرب .. ثم صرخ موسى إلى الرب من أجل الضفادع التي جعلها على فرعون .. فماتت الضفادع .. وجمعوها كوماً كثيرة، حتى أنتنت الأرض. فلما رأى فرعون أنه قد حصل الفرج، أغلق قلبه، ولم يسمع لهما كما تكلم الرب.
‘‘ثم قال الرب لموسى: قل لهرون مدَّ عصاك واضرب تراب الأرض، ليصير بعوضاً في جميع أرض مصر. ففعلا كذلك. مد هرون يده بعصاه، وضرب تراب الأرض. فصار البعوض على الناس وعلى البهائم. كل تراب الأرض صار بعوضاً في جميع أرض مصر. وفعل العرافون بسحرهم ليخرجوا البعوض، فلم يستطيعوا. وكان البعوض على الناس وعلى البهائم. فقال العرافون لفرعون: ‘هذا إصبع الله’. ولكن اشتد قلب فرعون، فلم يسمع لهما كما تكلم الرب.’’ (خر 16:8-19)

هل رأيت ما حدث مع عرافي فرعون وسحرته؟ فلقد رأينا للتو أن لديهم قوةً معينة، يستمدونها من الشيطان. ولهذا، استطاعوا من خلال فنونهم السحرية السِرِّية، أن يقلدوا قوة الله، ويحولوا قليل من الماء إلى دم، ويخرجوا بعض الضفادع، كما لو كان المصريون في حاجة إلى مزيد من الدم في مائهم وضفادع في أسِرَّتهم. إلا أن قوتهم كانت محدودة. فلم يستطع عرافو فرعون أن يتخلصوا من الضربات التي جلبها الله الجبار على أرض مصر. وبعد أن ضرب هرون الأرض بعصاه، وتحول التراب إلى بعوض، حاول العرافون بسحرهم أن يحولوا التراب إلى بعوض، ولكنهم لم يستطيعوا. ولذا، قالوا لفرعون: ‘‘إن هذا لإصبع الله’’.

فمن الواضح، أن قوة العرافين كانت محدودة. ومن المؤكد أن لدى الشيطان قوات معينة، وأنه يمكنه أن يعطي الإنسان بعضاً منها. إلا أن هذه القوات لا يمكن أن تتعدى الحدود التي وضعها لها الله. فالله وحده هو الكلِّي القوة. فهو يستطيع أن يفعل أي شيء. وهو وحده الذي ليس له حدود. كان عرافو فرعون بادئين في التعرف على عظمة الله غير المحدودة. إلا أن فرعون ظل يرفض الخضوع لله. واستمر فرعون يقسِّي قلبه، ويعتقد أنه يستطيع أن يصارع إله إسرئيل وينتصر.

وهكذا يخبرنا الكتاب، كيف جلب الله على فرعون وعلى أرض مصر سبع ضربات أخرى، على يد موسى وهرون. ونأسف لعدم توفر الوقت لنتمكن من القراءة عن كل ضربة من هذه الضربات. ولكن يمكننا فقط أن نذكرهم بالاسم.

تألفت الضربة الرابعة من سحبٍ من الذباب غطت كل أرض مصر، وملأت بيوتهم، حتى خرَّبت كل الأرض.
وفي الضربة الخامسة، جلب الرب وبأً ثقيلاً على كل المواشي وحيوانات الأرض، فمات منها الكثير. إلا أن واحداً منها لم يمت لبني إسرائيل. ومع ذلك، استمر فرعون في تقسية قلبه، ورفض إطلاق بني إسرائيل.
وفي الضربة السادسة، ضرب الرب كل الناس والحيوانات بالدمامل. ويقول الكتاب: ‘‘ولم يستطع العرافون أن يقفوا أمام موسى من أجل الدمامل. لأن الدمامل كانت في العرافين وفي كل المصريين.’’ (خر 11:9).
وفي الضربة السابعة، جلب الرب برداً ثقيلاً من السماء، لم يُرَى من قبل في أرض مصر، ودمَّر كل الحقول.
وفي الضربة الثامنة، ملأ الله الأرض بالجراد. فأكل الجراد ما تبقى من بعد ضربة البرد.
وفي الضربة التاسعة، قال الله لموسى: ‘‘مد يدك نحو السماء ليكون ظلام على أرض مصر حتى يُلمَس الظلام.’’ (خر 21:10). وهكذا، ولمدة ثلاثة أيام، لم يستطع أحد أن يرى شيء. ولكن جميع بني إسرائيل، كان لهم نور في مساكنهم. ولم تمسّهم ضربة واحدة من هذه الضربات. إلا أن كل ذلك لم يجعل فرعون يتوب، ويطلق بني إسرائيل. ويقول الكتاب: ‘‘وقال فرعون لموسى: ‘إذهب عني. احترز. لا ترى وجهي أيضاً. إن يوم ترى وجهي تموت.’’ (خر28:10)

إلا أن هناك ضربة واحدة أخرى جلبها الرب على فرعون وشعب مصر. ولكننا سننتظر حتى الحلقة القادمة ليتوفر لنا الوقت لدراستها.

والآن، كيف يمكننا أن نلخص درسنا اليوم؟ ربما كالآتي:
حاول فرعون أن يصارع مع الرب الإله. فهل نجح فرعون أو عرافوه في الانتصار على الله الجبار؟ هل أمكنهم التغلب عليه؟ لا، فلا يمكن لأي إنسان أن يصارع الرب ويتحداه، ثم يغلب. فالبيضة لا تستطيع أن تصارع الصخر، وتغلب.

فماذا يريد الله أن يقول لنا من خلال درسنا اليوم؟ يقول الكتاب: ‘‘فهذه الأمور جميعها أصابتهم مثلاً، وكتبت لإنذارنا نحن.’’ (1كو 11:10) فالله يريد أن يحذرنا. فهو يريدنا أن نتأمل جيداً في أنفسنا، وننتبه لتحذيراته.

وأنت، يا من تسمعنا اليوم .. هل تنتبه لكلمة الله؟ وهل تطيعها؟ أم أنك مثل فرعون، تصارع الله وتتحداه؟ دع قلبك هو الذي يجيب. هل تخضع لكلمة الله؟ إن هذا لا يعني أن تستسلم لعادات وتقاليد ديانتك، بل هل قبلت باتضاع كلمة الرب الإله؟ أم أنك تحاول مصارعة الله؟
إن البيضة ينبغي ألا تصارع الصخر. إن الإنسان مثل بيضةٍ هشة، أما كلمة الله فهي مثل صخرةٍ صلبة. يقول الكتاب: ‘‘لأن كل جسدٍ كعشب، وكل مجد إنسانٍ كزهرِ عشب. العشب يبس، وزهره سقط. وأما كلمة الرب فتثبت إلى الأبد.’’ (1بط 24-25) إن كلمة الله الأزلي الأبدي هي صخرةٌ صلبة. وكل من يبني حياته على هذه الصخرة، فقد بنى حياته على أساس متين. ولكنك إن رفضت أن تبني حياتك على هذه الصخرة، فإن يوماً ما، سيقع صخر كلمة الله عليك، ويسحقك. فالبيضة لا تستطيع أن تحارب الصخر، وتنتصر. ولا يستطيع الإنسان أيضاً أن يقاوم كلمة الله، ويهرب من العقاب.

وهنا لابد أن نتوقف اليوم.

أعزأئي المستمعين ..
نشكركم على كريم إصغائكم. وفي حلقتنا القادمة بإذن الله، سنرى ما فعله الله، ليجعل فرعون يسمح بإطلاق بني إسرائيل من أرض مصر.

وليبارككم الله وانتم تتأملون فيما قاله نبي الله موسى في التوراة، عندما تقول:
‘‘هو الصخرُ الكاملُ صنيعِه. إن جميعَ سبلِهِ عدلٌ. إلهُ أمانةٍ لا جور فيه، صدِّيقٌ وعادلٌ هو.’’ (تث 4:32)

ــــــــــــــــ
 

 الدرس الثالث والثلاثون | فهرس دراسات طريق البِرّ | المكتبة | الصفحة الرئيسية