TheGrace site موقع النعمة

 

 

إقرأ واطبع الكتاب على شكل PDF

هل سينجح اليهود في بناء هيكل سليمان الثالث في نفس مكان المسجد الأقصى في مدينة القدس، أم هل سيفشلون؟

بقلم د/جميل عبد السيد فرح


شكر
أشكر كل الذين شجعوني وساعدوني في إعداد هذا الكتاب، ومنهم الأستاذ الدكتور القس منيس عبد النور، والشيخ الفاضل أ. د. مفيد إبراهيم سعيد الذي أنقذ حياتي قبل سنتين، وجراح العيون العظيم أ. د. فتحي فوزي الذي أعاد لي نعمة البصر، وجراح العظام العظيم د. عماد ظريف الذي شفاني الله على يديه من آلام الركبة الفظيع، ود. لطفي وهبه الذي ساعد في طباعة هذا الكتاب، و أ. إسماعيل الخوري الذي كان له الفضل في إدخال كتبي في الإنترنت وزوجتي العزيزة وأبنائي. وأخص بالشكر ابني باسم جميل الذي ساعد في تصميم صورة الغلاف الخارجي ومعظم الصور في هذا الكتاب.

1- هيكل سليمان الثالثThe Tempel الهيكل

هل سينجح اليهود مرة أخرى من بناء
هيكل سليمان للمرة الثالثة في نفس مكان
المسجد الأقصى في مدينة القدس، أم هل سيفشلون؟
 

لا يفوتني أن أعلق على هذا السؤال الهام الذي يشغل بال العالم اليوم، وعلى أسئلة أخرى تُحيِّر البشرية كلها هذه الأيام، مثل:
1- لماذا تريد إسرائيل أن تكون مدينة القدس عاصمة أبدية لها؟
2- ولماذا يعتبر اليهود الاستيلاء على الضفة الغربية لفلسطين ومدينة القدس والسيطرة على المسجد الأقصى مسألة حياة أو موت بالنسبة لهم؟
3- ولماذا يريد اليهود أن يبنوا هيكل سليمان في مكان المسجد الأقصى بالذات في مدينة القدس، ولو أدى ذلك إلى إبادة كل الفلسطينيين ومحاربة كل العالم العربي والإسلامي لو لم يتحقق لهم ذلك؟
4- ما هو الداعي لبناء هذا الهيكل بعد أن تمَّ تدميره منذ ألفي سنة تقريباً؟
5- ولماذا لا يبنونه في القدس الغربية أو في أي مكان آخر؟

والإجابة على هذه الأسئلة تتطلب بعض الشرح عن تاريخ الشعب اليهودي.

أولاً: لم يكن اليهود قبل ميلاد المسيح شعب الله المختار لسبب أنهم كانوا شعباً متميزاً عن باقي الشعوب الوثنية التي كانت موجودة في ذلك الزمان، بل إن الله اختارهم ليأتي منهم المسيح مخلّص البشرية من الهلاك الأبدي في جهنم النار في اليوم الأخير. وبعد أن رفضوا المسيح لم يعودوا شعب الله المختار. وأرض الميعاد من النيل إلى الفرات (أي إسرائيل الكبرى، كما يقولون) التي وعد الله بها آباءهم إبراهيم الخليل وإسحاق ويعقوب (إسرائيل) سنة 1900 ق.م، والتي يطالبون بها اليوم كحق تاريخي منحه لهم الله، ليس لها وجود الآن، حيث أن مواعيد الله لهم قد انتهت منذ ألفي سنة تقريباً. وليس من المنطق أو العدل أن يطالبوا بها بعد أن استوطنها الشعب الفلسطيني نحو ألفي سنة.
ثانياً: لم يسمح الله للملك والنبي داود ببناء الهيكل لأن يديه كانتا ملطختين بدماء الكثيرين الذين قتلهم في الحروب، بل أمره أن يبني ابنُه الملك سليمان الهيكل، نحو ألف سنة قبل الميلاد في المكان المعروف اليوم بالمسجد الأقصى وعلى قبة الصخرة بالذات. ولهذا فإن يهود اليوم يريدون إقامة هيكلهم في ذات المكان، وليس في أي مكان آخر وإلا أصبحت عبادتهم ناقصة ومرفوضة. وعند تدشين الهيكل قدم الملك سليمان وجميع بني إسرائيل ذبائح للرب 22 ألفاً من البقر و120 ألفاً من الغنم واحتفلوا سبعة أيام (التوراة ملوك الأول 8: 62-64). لذلك يصر اليهود على إعادة بناء الهيكل في هذا المكان بالذات ليعودوا لممارسة عبادتهم حسب الشريعة الطقسية اليهودية القديمة. وكان الهيكل الأول من أجمل مباني العالم في العهد القديم، ولم ولن يتكرر مثله حتى الآن. وكان يشمل على المذبح النحاسي الكبير وغرفتي القدس وقدس الأقداس (المغشيتين بالذهب الخالص، وكل الأشياء التي كانت بداخلهما إما مُغشّاة بالذهب الخالص أو مصنوعة من الذهب الخالص، كالتابوت الذي حُفظ فيه لوحا الشريعة (الوصايا العشر)، ومائدة خبز الوجوه، ومذبح البخور، والمباخر وملاقط الجمر، والمنارة الكبيرة ذات السبع شُعب والكاسات والصحاف). وكانت تقدم على المذبح الخارجي الذبائح الدموية من البقر والغنم صباحاً ومساءً، وتُزاد في أيام السبوت ورؤوس الشهور والأعياد المختلفة. واستمر هذا مدة ألف سنة تقريباً ق.م. وبدون هذه الذبائح الكفارية كان اليهود يعتبرون أن عبادتهم ناقصة ومرفوضة، ولن يغفر الله خطاياهم، لأن التوراة تقول: «لأَنَّ نَفْسَ الْجَسَدِ هِيَ فِي الدَّمِ (دم الذبيحة)، فَأَنَا أَعْطَيْتُكُمْ إِيَّاهُ عَلَى الْمَذْبَحِ لِلتَّكْفِيرِ عَنْ نُفُوسِكُمْ (أي لستر ذنوبكم)، لأَنَّ الدَّمَ يُكَفِّرُ عَنِ النَّفْسِ (الخاطئة)» (سفر اللاويين 17: 11). وجاء في (عبرانيين 9: 22) «وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيباً يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ». وهذا هو سبب إصرارهم الشديد على بناء هذا الهيكل ولو بالقوة في نفس هذا المكان لممارسة هذه الفرائض من جديد، ولو أدى ذلك لإبادة كل الفلسطينيين ومحاربة كل العالم الإسلامي.
ثالثاً: رفض اليهود المسيح قبل ألفي سنة وطالبوا بصراخ وهياج شديد الوالي الروماني بيلاطس بصلبه، وكانوا يصرخون بهياج شديد: ««اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ!.. دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا» (راجع بشارتي لوقا 23: 21 ومتى 27: 25). ولا يخفى علينا تأديب الله لهم منذ ذلك الوقت، فقد نزعهم من الأرض المقدسة وجعل بيت عبادتهم (أي هيكل سليمان) خراباً، ثم شتتهم في أنحاء الأرض كلها، وأصبحت كل الشعوب تحتقرهم وتضطهدهم وتطاردهم وتقتلهم. وسُميت هذه الظاهرة بمعاداة السامية Anti-Semitism منذ القرن الميلادي الأول. وليس بعيداً عن ذهننا ما فعله بهم الألمان في الحرب العالمية الثانية، فقد قتلوا منهم ستة ملايين يهودياً في أفران الغاز في معسكرات التعذيب الرهيبة Concentration Camps وسٌميت محرقة اليهود Holocaust كما شُرِّد وعُذب الملايين منهم في أوروبا في ذلك الوقت. ولذلك مهما حاولوا سواء بالقوة أو بالاحتيال أن يبنوا هيكل سليمان في نفس مكان المسجد الأقصى، فلن يستطيعوا لأن الله لن يسمح لهم بذلك بعد.
رابعاً: قال المسيح عندما رفضه اليهود «هُوَذَا بَيْتُكُمْ (أي هيكل سليمان) يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً» (متى 23: 39). وجاء في متى 24: 1، 2 «ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَمَضَى مِنَ الْهَيْكَلِ فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ لِكَيْ يُرُوهُ أَبْنِيَةَ الْهَيْكَلِ (استغرق بناؤه 46 سنة). فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا تَنْظُرُونَ جَمِيعَ هَذِهِ؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يُتْرَكُ هَهُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ!». وتحققت هذه النبوة بحذافيرها عام 70م عندما حاصر القائد الروماني تيطس مدينة القدس وقتل مليون يهودياً، ثم هدَّم الهيكل فلم يبقَ فيه حجر على حجر وأحرقه بالكامل ولم يبقَ له أي أثر. ويقال إن الهيكل كان في نفس مكان المسجد الأقصى الحالي. وهذا هو سبب إصرار اليهود على إعادة بناء الهيكل الثالث في نفس هذا المكان بالذات، وحسب تنبؤات المسيح لن يستطيعوا. وكل هذه الحفريات تحت المسجد الأقصى ليس لها معنى سوى محاولة هدمه حتى يستطيعوا بناء الهيكل الثالث من جديد.
خامساً: لن يستطيع اليهود بناء الهيكل مرة أخرى، لأن الله لن يقبل دم ذبائح حيوانية كفارية حسب الشريعة الطقسية القديمة بعد أن قدم المسيح (الذبح العظيم الحقيقي) دمه الطاهر كذبيحة فدائية وكفارية كاملة ونهائية على الصليب، نيابة عن خطايا البشرية كلها. والشعب المختار الآن هو الذي يقبل بالشكر والحمد ويؤمن بهذه الذبيحة السماوية. والغريب في الأمر أن اليهود يعرفون جيداً من التوراة والكتب النبوية الأخرى أن هذه الذبائح الحيوانية مهما كثرت فهي لا تكفي لتكفر عن خطية آدم الذي عصى ربه وعن خطايا نسله الخطّاء، إنما هي كانت مجرد رموز لحقيقة لا بد كانت ستحدث، فالله العادل لا يقبل موت حيوان بريء لينوب عن الموت الروحي الأبدي للإنسان الخاطئ في جهنم النار في اليوم الأخير، فالذي أخطأ هو الإنسان، والذي ينوب عنه في الموت يجب أن يكون إنساناً طاهراً بريئاً من كل ذنب، فمَن غير السيد المسيح كلمة الله، والذي بمعجزة إلهية تجسد في صورة إنسان طاهر قدوس يقدر أن يكفر عن خطايا كل الناس؟ يؤكد القرآن ما جاء في الإنجيل، فيقول في سورة آل عمران 45 إن المسيح وجيه في الدنيا والآخرة ومن المقرَّبين. ولأنه وُلد من أم بغير أب بشري دعاه الإنجيل «ابن الله الوحيد». وهذا لا يعني أنه ابن بالمعنى الحرفي، بل هو كلمة الله أي عقل وحكمة الله السرمدية والأزلية، والذي بمعجزة إلهية لمحبة الإنسان وخلاصه تجسد في صورة إنسان.
سادساً: كل هذه الضيقات التي حلت باليهود منذ القرن الأول كانت عقاباً وتأديباً من الله لهم لأنهم رفضوا المسيح. وعودتهم إلى أرض فلسطين منذ 1948م ليست صدفةً، بل هي تدبير إلهي خاص في هذه الأيام الأخيرة. فالله يريد أن يعطيهم الفرصة الأخيرة، فلهم الأولوية حسب مواعيد الله لآبائهم إبراهيم وإسحاق ويعقوب الذي غيَّر الله اسمه إلى «إسرائيل» (وتعني الأمير المجاهد، الذي جاهد مع الله والناس وغلب) بأنه سيباركهم ويبارك نسلهم، ويبارك مباركيهم، ويلعن لاعنيهم، كما جاء في التوراة (التكوين 12، 26، 27، 28 وسفر العدد 23، 24). ولن يتخلى الله عنهم إلا لسبب واحد، وهو عندما لا يحفظون وصاياه على هذه الأرض حتى اليوم الأخير. وبركة الله لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتحول إلى لعنة، فلذلك لا تزال الفرصة متاحة لهم ليرجعوا ويتوبوا ويؤمنوا بالمسيح ملكهم الحقيقي ومخلصهم الوحيد من الهلاك الأبدي في جهنم النار في اليوم الأخير. وبالطبع لم يسمح لهم بالاستيطان بالقوة والإرهاب في أرض فلسطين. فكل الأعمال الإرهابية التي يعملونها الآن ضد الشعب الفلسطيني الأعزل والمغلوب على أمره، ومحاولة إبادتهم بضربهم بالصواريخ والدبابات وطائرات F16 والأباتشي، وذخيرة اليورانيوم المنضب، والغازات السامة وهدم بيوتهم ومصانعهم وجرف مزروعاتهم، وحصارهم اقتصادياً وتجويعهم. وتمردهم على قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية تدل على استمرار قساوة قلوبهم منذ فجر تاريخهم.

2- الوصايا العشر


مكتوب في الوصايا العشر (أي الشريعة الإلهية) والتي يحفظها كل اليهود جيداً وكان عليهم تطبيقها حرفياً، والتي كتبها الله بإصبعه على لوحين من الحجر أعطاهما لموسى النبي في جبل حوريب (جبل الله) في صحراء سيناء، (والذي يوجد به الآن معبد يهودي وكنيسة ومسجد) كما ذكر النبي موسى العظيم (كليم الله لفترة 40 سنة كاملة في مصر وصحراء سيناء وصحراء الأردن) وهذا كان نحو سنة 1300ق.م، وجاءت في التوراة (في خروج 20: 3-16). والأربع وصايا الأولى في اللوح الأول تختص بعلاقة الإنسان مع الله، والست وصايا الأخرى في اللوح الثاني تختص بما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان وهذه الوصايا:
1- أنا الرب إلهك (الوحيد). لا يكن لك (أي لا تعبد) آلهة (أياً كانت) أخرى سواي.
2- لا تصنع صورة (أو تمثالاً أو حجراً) ما مما في السماء من فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من أسفل الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن، لأني أنا الرب إلهك الوحيد، إله غيور (ومنتقم جبار).
3- لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً (أي لا تحلف باسم الله بالباطل) لأن الرب يعاقب كل من نطق باسمه باطلاً.
4- ستة أيام تعمل وتقوم بجميع أشغالك، أما اليوم السابع فتجعله سبتاً (أي راحة) للرب إلهك، فلا تقم فيه بأي عمل أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وبهيمتك ونزيلك الذي داخل أبوابك.
5- أكرم أباك وأمك (والأكبر منك سناً) لكي يطول عمرك على الأرض (وهذه أول وصية بوعد).
6- لا تقتل (ولا تعذب أو تشوه أخاك الإنسان، ولا تظلمه ولا تُرهبه ولا تغتصب أملاكه بالقوة أو الاحتيال).
7- لاتزنِ (ولا تخُن العهد أو تخون إلهك أو زوجتك أو بلدك.. الخ).
8- لا تسرق (ولا تغش أو تزوّر أو تعطي أخاك الفقير والمحتاج مالك بالربا، ولا تتوقع أن تسترد ما أعطيته من مال). (اقرأ لاويين 25 : 35-37.. ولكن يمكن أن تودع أموالك في المصارف كما قال المسيح في إنجيل لوقا 19: 23 لكي تأخذ عليها فوائد).
9- لا تشهد زوراً على جارك (أي لا تكذب أو تخدع أو .. الخ).
10- لا تشتهِ (أو تحسد) بيت جارك الإنسان ولا زوجته، أو عبده، أو أمته أو ثوره، أو حماره، أو أي شيء مما له.
وكسر أية وصية في هذه الشريعة الأخلاقية يُعتبر خطية ضد الله ذاته أولاً وأخيراً، كما قال النبي والملك داود نادماً بدموع كثيرة عوَّم بها سريره لعدة أيام «إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ، وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ» (مزمور 51: 4). والله القدوس، والذي من صفاته الجوهرية العدالة الكاملة لا يمكن أن يتنازل عن حقه الطبيعي والجوهري بالعقاب الأبدي على حساب رحمته الأبدية، ولا يمكن أن يكون الرحمان الغفور الرحيم دون أن يكون شديد العقاب أولاً، وإلا أصبح إلهاً باطلاً أو مجرد صنم من الأصنام. ويقول المنطق إن لكل جريمة أو خطية عقاباً، فكيف يتوقع الإنسان الخاطئ أن يتنازل الله، رئيس قضاة الأرض، عن توقيع عقوبة الإعدام في جهنم النار في اليوم الأخير، يوم الدينونة، عن أي خطية ولو عملتها بفكرك فقط. والإنجيل يقول: «لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا» (رومية 6: 23).
ولذلك كان العقاب الأرضي واحداً، ويأتي أولاً قبل الرحمة (في العهد القديم) في حالة مخالفة أية وصية من هذه الوصايا العشر. والعقاب هو القطع من مجتمع شعب الله بالرجم، وبالحرق في بعض الأحيان. فمثلاً عندما سرق عخان بن زارح بعد الاستيلاء على مدينة أريحا في فلسطين (نحو سنة 1300ق.م) لسان الذهب وأشياء أخرى، نقرأ (في سفر يشوع 7 : 25، 26) ما فعله يشوع قائد بني إسرائيل بعد موت النبي موسى، وبنو إسرائيل به «فَقَالَ يَشُوعُ: «كَيْفَ كَدَّرْتَنَا؟ يُكَدِّرُكَ الرَّبُّ فِي هَذَا الْيَوْمِ!» فَرَجَمَهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ (وكانوا حوالي أكثر من مليونين) والفضة والرداء وسبيكة الذهب وأبناءه وبقره وحميره وغنمه وخيمته وكل ما له. وذهبوا بهم إلى وادي عخور (بالقرب من مدينة أريحا في فلسطين)
بِالْحِجَارَةِ وَأَحْرَقُوهُمْ بِالنَّارِ وَرَمُوهُمْ بِالْحِجَارَةِ، وَأَقَامُوا فَوْقَهُم رُجْمَةَ حِجَارَةٍ عَظِيمَةً».
وكان عقاب الرجم لمن عمل واحتطب في يوم السبت المقدس وكسر الوصية الرابعة من الوصايا العشر. وكان نفس عقاب الرجم لأحد الذين سبّوا اسم الله. وبالمثل كان عقاب السرقة والزنى هو الرجم. ومن هذا المنطلق نستطيع أن نستنتج أن في الشريعة الإلهية ليس هناك مكان لأنصاف الحلول، فالشريعة لا ترضى بأقل من الرجم والهلاك الأبدي لأي تعدٍّ عليها.

3- تفسير الوصايا العشر


قد فسر المسيح بعد أكثر من 1300 سنة من إعطاء الشريعة لموسى النبي كليم الله أن المقصود منها هو تطبيقها روحياً وفكرياً، فهو كما قال لم يأتِ (من السماء) ليلغي الشريعة بل ليكملها، كما قال في موعظته الشهيرة على الجبل: «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ» (متى 5: 17، 18).
فكل من يكسر أحد هذه الوصايا بفكره فقط يكون مجرماً في جميع الوصايا بسبق الإصرار والترصد. وعلى ذلك فهو يستحق الطرح بعيداً عن الله في اليوم الأخير في الظلمة الخارجية في بحيرة النار والكبريت إلى أبد الآبدين. فالله روح وهو يتعامل مع الإنسان فكرياً وروحياً فقط. ويقول الإنجيل إن الله الديان العادل سيحاسب الناس في اليوم الأخير الرهيب على أفكارهم أولاً قبل أعمالهم، كما جاء في رسالة رومية 2: 16 وآيات أخرى. ولا يخفى علينا أن فكر الإنسان هو المصدر والمنبع الرئيسي لكل تصرفات الإنسان من أفكار وأقوال وأفعال. والله يعرف كل أفكار الإنسان من قبل أن يولد، كما قال صاحب المزامير: «يَا رَبُّ قَدِ اخْتَبَرْتَنِي وَعَرَفْتَنِي. أَنْتَ عَرَفْتَ جُلُوسِي وَقِيَامِي. فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ.. لأَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةٌ فِي لِسَانِي إِلاَّ وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَهَا كُلَّهَا» (مزمور 139: 1، 2، 4).
وقد فسر المسيح هذه الوصايا العشر في العهد الجديد بهذا المعنى المقصود منها، عندما سأله أحد معلمي الشريعة: «أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ أَوَّلُ الْكُلِّ؟». فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. والَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ (الإنسان) كَنَفْسِكَ. ولَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ» (مرقس 12: 28-31).
الشريعة إذاً إلهية، وهي في الأصل شريعة المحبة، وليست مجرد قوانين محددة.

4- فساد الإنسان ومسئوليته نحو أخيه الإنسان


وهناك آيات كثيرة في الإنجيل تدل على فساد الإنسان، منها: ما جاء في رسالة رومية (3: 10- 18) «لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ. لَيْسَ مَنْ يَفْهَمُ. لَيْسَ مَنْ يَطْلُبُ اللهَ. الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعاً. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ. حَنْجَرَتُهُمْ قَبْرٌ مَفْتُوحٌ. بِأَلْسِنَتِهِمْ قَدْ مَكَرُوا. سِمُّ الأَصْلاَلِ (القاتل) تَحْتَ شِفَاهِهِمْ، وَفَمُهُمْ مَمْلُوءٌ لَعْنَةً وَمَرَارَةً. أَرْجُلُهُمْ سَرِيعَةٌ إِلَى سَفْكِ الدَّمِ. فِي طُرُقِهِمِ اغْتِصَابٌ وَسَحْقٌ. وَطَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ. لَيْسَ خَوْفُ اللهِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ».
وأوضح السيد المسيح في موعظته الشهيرة على الجبل كيف تكون تصرفات الإنسان نحو أخيه الإنسان حتى يعم السلام المنشود. وكان تفسيره لما جاء في اللوح الثاني، وبه ست وصايا هو ما يلي: «فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً بِهِمْ، لأَنَّ هَذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ» (متى 7: 12). وتفسيرها أنه كما أنك تحب أن جميع الناس يعاملونك بالإحسان واللطف والمحبة، وأن يواسوك وأنت حزين أو سجين وأن يعالجوك وأنت مريض، وأن يساعدوك وقت المحن والمصاعب، وأن يكسوك وأنت عريان، وأن يطعموك وأنت جوعان.. فيجب أن تكون أنت البادئ أولاً في فعل تلك الأشياء جميعها مع كل الناس، فتحب قريبك الإنسان (أي إنسان: القريب والغريب والعدو) كما تحب نفسك.
وهذا بالطبع عكس المبدأ الذي يقول «عامل الناس كما يعاملونك» فنعادي من يعادينا ونحب الذين يحبوننا فقط. أو بمعنى آخر: تحب نفسك وقريبك من أسرتك فقط، ولا تتخذ لك أصدقاء من الذين يختلفون معك. فإن هذا يدل على الأنانية وحب الذات والكبرياء.
وقد فسر المسيح المحبة المقصودة في الشريعة بهذه المبادئ السامية فقال:
«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ، فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضاً. وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِداً فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّه خائباً».
«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ» (متى 5: 38-44).
ولكن هذا لا يمنع المسيحي المؤمن من أن يدافع عن نفسه وعن الحق والعدالة والسلام العالمي بكل الوسائل السلمية والحربية الحديثة. ولكن بقدر الإمكان يكون مسالماً كل الناس إلى أبعد مدى.
وقد قصد المسيح بهذا القول أن يكون الناس محبين للناس جميعاً، وأقوياء في السيطرة على أنفسهم وعدم الانتقام من الذين يعتدون عليهم، لأن الانتقام هو مبدأ الضعف الذي نراه سائداً بين الحيوانات والطيور والحشرات والأسماك. ولقد جاء في الإنجيل ما نصح به الله الإنسان المؤمن: «لاَ تُجَازُوا أَحَداً عَنْ شَرٍّ بِشَرٍّ.. لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَاناً لِلْغَضَبِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ» (رومية 12). وهاتان الوصيتان تعنيان أنه عندما يحب الإنسان الله وأخاه الإنسان فهو يعمل بكل الوسائل أن لا يؤذي حبيبه بفكره أو أقواله أو أفعاله.
وكثيراً ما نرى هذه المحبة في العائلة الواحدة في حب الزوج والزوجة والأبناء بعضهم لبعض، كما نراها في مخلوقات الله الأخرى من حيوانات وطيور وأسماك وحشرات.
ونلاحظ من الوصايا الست التي وردت في اللوح الثاني أن كل القوانين والشرائع الأرضية مشتقة منها، وهي تتلخص في أن يحترم الإنسان حقوق الآخرين وأن لا يعتدي عليها. كما نلاحظ أن كل المواثيق الدولية كميثاق الأمم المتحدة، وميثاق حقوق الإنسان، وميثاق منظمة الصليب الأحمر، ومنظمة العفو الدولية وغيرها من المنظمات التي تسعى إلى احترام حقوق الإنسان ومحبة الإنسان لأخيه الإنسان ومساعدته وعدم التعدي على حقوقه، هي أيضاً مشتقة من هذه الوصايا الست، أي مبدأ المحبة الذي ذكره المسيح، فتحب أخاك الإنسان (بدون فرق) كما تحب نفسك. وهو مبدأ العولمة الذي ينادي به العالم اليوم، بمعنى أن كل الناس إخوة، ويجب أن يتعاملوا في كل شيء في هذه الحياة كإخوة متحابين، فإن خالقهم واحد، وهو المعتني بهم جميعاً (أباهم السماوي). وهو أيضاً المبدأ الذي سيحكم به المسيح العالم الروحي الجديد في النهاية.
وقد كُتبت هذه الوصايا على ألواح حجرية (وليست على قلوب لحمية) كانت محفوظة ق.م في التابوت الذهبي في قدس الأقداس، وهو أقدس مكان في هيكل سليمان في مدينة القدس لمئات السنين. وقدس الأقداس كان أقدس مكان في الأرض كلها ق.م إذ كان يدل على وجود الله بين شعبه. إلى أن انهدم الهيكل الثاني بما فيه ولم يبقَ فيه حجر على حجر سنة 70م على يد القائد الروماني تيطس (وسيظل كذلك حتى اليوم الأخير). وقد تم هذا كما تنبأ المسيح لليهود في الإنجيل بخراب الهيكل عندما رفضوه كما ذكرنا من قبل.
وهكذا انقطعت الذبائح الحيوانية التي كانت تُقدم صباحاً ومساءً لمئات السنين كل يوم في الهيكل، وحتى يومنا هذا. ولا يزال اليهود يحاولون أن يبنوا الهيكل مرة أخرى ليمارسوا عبادتهم بتقديم الذبائح الكفارية من جديد، فالله كان قد حرم عليهم بشدة تقديم الذبائح الكفارية في أي مكان آخر غير المذبح النحاسي الكبير الموجود في هيكل سليمان في مدينة القدس. ولكن هذا لن يتم كما تنبأ المسيح، لأن الله العادل لن يقبل أو يسمح بتقديم ذبائح حيوانية كفارية مرة أخرى لغفران الخطايا حسب الشريعة الطقسية اليهودية القديمة، بعد ذبيحة المسيح السماوية الكاملة (أي الذبح العظيم الحقيقي) على الصليب بالنيابة عن كل من يؤمن به.
وحسب علمي أن هناك نهضة روحية كبيرة بين الشعب اليهودي ليؤمنوا بالمسيح، وكثيرٌ منهم رجعوا إليه وآمنوا به. وبعودتهم للمسيح ستأتي أيضاً شعوب أخرى للمسيح. فالله يحب الجميع، وهو يريد أن يخلُص الجميع، كما جاء في الإنجيل «لأَنَّ هَذَا حَسَنٌ وَمَقْبُولٌ لَدَى مُخَلِّصِنَا اللهِ، الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ» (1تيموثاوس 2: 3، 4).
أما اليهود الذين عادوا إلى فلسطين بعد الشتات ولم يطيعوا وصايا الله في محبتهم للآخرين، وعاثوا في الأرض فساداً واغتصبوا الأرض واستحلوا دماء الفلسطينيين الأبرياء والمغلوب على أمرهم، فبالطبع لن يفلتوا من عقاب الله سبعة أضعاف في جهنم النار الأبدية! كما وعد الله أي شخص يقتل أخاه الإنسان بعد جريمة القتل الأولى التي قتل فيها قايين أخاه الأصغر هابيل (سفر التكوين 4: 15).

5- حقائق هامة عن مدينة القدس وهيكل سليمان والمسجد الأقصى:


1- يُحتمل أن «شجرة معرفة الخير والشر» كانت في مدينة القدس، وهي الشجرة التي كانت في وسط الجنة وفوق جبل المُريا، والتي أوصى الله آدم أن لا يأكل من ثمرها، وقال له: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ (جسدياً أنت ونسلك، وتعود إلى التراب الذي أخذت منه، ثم روحياً في جهنم النار في اليوم الأخير)» (سفر التكوين 2: 16، 17). ومنذ تمرد آدم على الله وأكل من هذه الشجرة المحرمة أصبح هو ونسله بعد أن كانوا يعرفون الخير فقط، أصبحوا يعرفون الشر أيضاً. وهذا هو السبب في وجود الشر والحروب الفظيعة منذ فجر التاريخ، وأيضاً انتهاك حقوق المرأة والطفل والإنسان في العيش في كرامة وأمان وحرية على هذه الأرض على مدى التاريخ.
وفي نفس هذا المكان أيضاً فدى الله ابن النبي إبراهيم الخليل بكبش أي بذبح عظيم (ومن المحتمل أن هذا المكان كان نفس المكان الذي ذبح فيه قايين، الأخ الأكبر أخاه الأصغر هابيل، وبعدها كان دم هابيل يصرخ لله من الأرض مطالباً بالانتقام (سفر التكوين 4: 10)، وهكذا كل دم بريء يُسفك على الأرض منذ فجر التاريخ يصرخ إلى الله مطالباً بالانتقام من القاتل في جهنم النار في اليوم الأخير. وبالقرب من هذا المكان وفوق قبة الصخرة بالذات بنى النبي والملك سليمان بأمر من الله هيكل سليمان نحو سنة 1000 ق.م، وكانت تقدم عليه الذبائح الدموية الكفارية من البقر والغنم صباحاً ومساءً لمدة ألف سنة، ثم دُمر هذا الهيكل مرتين بسبب عصيان اليهود لله، وكان آخر تدمير سنة 70م، وبتدميره انتهت الديانة اليهودية، لأنه بدون الذبائح الكفارية تكون عبادتهم ناقصة ومرفوضة. وهذا هو السبب في وقوفهم أمام حائط المبكى في مدينة القدس يترحمون ويبكون، ليعيدهم الله إلى سابق مجدهم ويسمح لهم ببناء الهيكل الثالث.


وفي آخر القرن السابع الميلادي بُني المسجد الأقصى في نفس مكان هيكل سليمان القديم في أيام الخليفة عمر بن الخطاب. وبالقرب من هيكل سليمان، وفوق جبل المُريا أيضاً حيث قتل قايين أخاه هابيل، وحيث فدى الله ابن النبي إبراهيم بذبح عظيم، صُلب المسيح أيضاً (كالذبح العظيم الحقيقي) نيابة عن خطايا البشرية كلها، وليفدي آدم وحواء وهابيل وكل من يؤمن به من الطرح في جهنم النار في اليوم الأخير، وليكفر عنهم بدمه الطاهر بشهادة الإنجيل، نحو سنة 30م، في مكان يُدعى جُلجُثة، أي الجمجمة، حيث دُفن النبي نوح بعد الطوفان. ويُقال إن جمجمة أبينا آدم دفنها النبي نوح بعد انتهاء الطوفان بأمر من الله في هذا المكان أيضاً، وبالقرب من مكان يُدعى جهنم (حيث كانت تُحرق نهاراً وليلاً الأوساخ والرِّمم خارج المدينة المقدسة، فكانت النار لا تُطفأ أبداً). انظر الخريطة.


-------- البحر
الأبيض
المتوسط
مدينة القدس------------


2- لست أخمن أو أخترع إذا قلت إن الجنة الأولى كانت في منطقة فلسطين. ولو نظرنا لخريطة العالم، فهي كانت تقع أيضاً في وسط العالم، أي في قلب العالم، أي في الشرق الأوسط، وليست في الصين أو أمريكا. ومدينة القدس والمسجد الأقصى (وهو نفس المكان الذي كان فيه هيكل سليمان) هو أيضاً مركز العالم، ولو قرأنا سفر التكوين الأصحاح الثاني جيداً لوصلنا لهذه الحقيقة الهامة، فالجنة قبل انقسام الأرض كانت في هذا المكان، يحدها أربعة أنهار، منها نهر النيل من الغرب ونهر الفرات من الشرق



من العلامة الحمراء يتضح أن الجنة كانت جغرافياً في هذه المنطقة في فلسطين، أي في الشرق الأوسط، ومدينة القدس وهيكل سليمان والمسجد الأقصى هم في مركز العالم!!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

6- الخلاص

لا يفوتني أن أعلق على أهم موضوع يهم البشرية كلها وهو كما جاء في الإنجيل في (1تيموثاوس 2: 5، 6) «لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ (شفيع) وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ (ضحى بنفسه حباً) فِدْيَةً (ديَّة) لأَجْلِ الْجَمِيعِ». وهو مات حباً عن البشرية كلها على الصليب ملطخاً بالدم الطاهر من أعلى رأسه إلى إخمص قدميه في مدينة القدس يوم الجمعة نحو سنة 30م في أول الربيع، وهو نفس يوم عيد الفصح اليهودي. وبقي معلّقاً على الصليب ست ساعات بين السماء والأرض ليصالح الإنسان المتمرد مع الله القدوس، أمام آلاف من شهود العيان، ومن الشهود أيضاً تلاميذه وأمه العذراء الطاهرة والمصطفاة مريم التي كانت تبكي بمرارة تحت الصليب (إنجيل يوحنا 19: 25) عوضاً عن آدم ونسله الفاسد، ككبش الفداء، فهو الذبح العظيم الحقيقي! كما يقول الإنجيل. وهو مات على الصليب نيابة عن كل من يؤمن من الناس ليوفي العدالة الإلهية التي تطالب بموت الإنسان الخاطئ في جهنم النار في اليوم الأخير. ومات أيضاً فوق نفس الجبل، جبل المُريا الذي قُتِل فيه هابيل وفدى فيه الله ابن النبي إبراهيم الخليل بكبش أي بذبح عظيم. وهكذا أصبح هناك رجاء أكيد للمؤمنين بأنهم سينتصرون على الموت الأبدي في اليوم الأخير، وسيُخطف المؤمنون بأجساد روحية، بدون دينونة، في لحظة في طرفة عين، سواء الموتى الذين ماتوا في المسيح أو الأحياء الباقون إلى ذلك اليوم، ليكونوا كل حين مع المسيح. أما غير المؤمنين فستطرحهم الملائكة في جهنم النار الأبدية حيث البكاء وصرير الأسنان من الندم والعذاب النفسي الشديد، وهذا هو الموت الروحي الثاني كما يقول الإنجيل! أي الانفصال الروحي الأبدي عن رحمة الله.

7- هل الله موجود؟


ولا يفوتني أن أعلق على هذا الموضوع الهام لإزالة الشك الذي قد يخطر ببال أحد:
وبالطبع الإجابة هي: نعم، فهناك ملايين الأدلة على وجوده، كما قال الله: «ارْفَعُوا إِلَى الْعَلاَءِ عُيُونَكُمْ وَانْظُرُوا، مَنْ خَلَقَ هَذِهِ؟» (إشعياء 40: 26). فمن أسرار الكون التي لا زالت تحير العلماء أن كرتنا الأرضية وزنها 6.600 مليون مليون مليون طناً (والطن يساوي 1000 كجم). ورغم هذه الضخامة فهي سابحة وطائرة في الفضاء بسرعة أسرع من سرعة الصوت، وبكل دقة وبدون طاقة محركة معروفة لدينا (مثل البنزين أو الكهرباء.. الخ) وبدون ضوضاء. فهي تدور حول نفسها مرة كل يوم من الغرب إلى الشرق عند خط الاستواء بسرعة ألف ميل في الساعة، أي تقطع 24 ألف ميل كل يوم (الميل =1.6 كلم). فنحن غير ثابتين على هذه الأرض، بل نحن بالحقيقة نسافر يومياً 24 ألف ميل لنصل إلى نفس المكان الذي بدأنا منه رحلتنا كل يوم، وفي نفس الوقت هي طائرة بسرعة خيالية، وهي تدور بكل هدوء وبدون طاقة معروفة لدينا أيضاً، وبكل دقة حول الشمس مرة كل 365 يوماً ورُبع اليوم (لا تزيد أو تنقص) أي في كل سنة بسرعة 64800 ميلاً في الساعة، أي هي تسافر كل سنة ونحن معها بالطبع وتقطع أكثر من 567 مليون ميلاً كل سنة في دورانها حول الشمس. ولكن نحن لا نعود إلى نفس المكان في الكون الذي كنا فيه أولاً، فقد نبعد ملايين الأميال من ذلك المكان، لأن كل شي في الكون يتحرك بسرعة خيالية. والشمس أكبر من الأرض 109 مرة وتبعد عنها 93 مليون ميلاً، ويصلنا الضوء منها بعد 8 دقائق، وهي أثقل وزناً من الأرض 333 ألف مرة. وهي أيضاً سابحة وطائرة في الفضاء مع مجموعتها الشمسية بكل دقة ونظام هندسي، لا يزال يُحير علماء الكون، حول شيء آخر في طرف مجرتها (درب التبانة) بسرعة 50400 ميل في الساعة. ورغم أن الشمس عبارة عن نيران شديدة جداً، وقد تصل درجة حرارتها في مركزها نحو 15مليون درجة مئوية، فهي لم تحترق وتصبح رماداً، كما يحترق أي شيء هنا على الأرض، رغم أن عمرها مع الأرض والكون كله كما يقول العلماء نحو ستة آلاف مليون سنة.
ويدور القمر بكل دقة حول الأرض أيضاً من الغرب إلى الشرق مرة كل 29 يوماً ونصف اليوم. وهو يبعد عن الأرض نحو ربع مليون ميل، ولذلك هو أقرب الكواكب إلينا.
ويوجد في مجرتنا (درب التبانة) MILKY WAY مئة ألف مليون نجم، أي 100 بليون شمس أخرى، ويوجد أكثر من ألف مليون (أي بليون) مجرة أخرى في الكون، وكل مجرة فيها نفس العدد من النجوم تقريباً. وأقرب مجرة إلينا اسمها أندروميدا (ANDROMEDA) وهي تبعد عن مجرتنا أكثر من مليون ونصف مليون سنة ضوئية، والسنة الضوئية هي ما يقطعه الضوء في سنة، وسرعة الضوء هي 168 ألف ميل في الثانية الواحدة، أي نحن لو ركبنا صاروخاً طائراً بسرعة الضوء (وهذا مستحيل تقريباً) سنصل إلى هذه المجرة القريبة إلينا بعد مليون ونصف مليون سنة ضوئية، ونكون قد قطعنا أكثر من 7947072 مليون مليون ميل. وأكبر مجرة في الكون اسمها مجرة أبل 2029 وقطرها يبلغ 506 مليون سنة ضوئية (وهذه حقائق علمية ثابتة وأكيدة، يمكنك التأكد منها أيها القارئ عن طريق الكومبيوتر والإنترنت).
فمن أين جاء هذا الكون الجبار الذي هو في حركة خيالية دائمة وهو يتحرك بنظام دقيق لا يزال يحير علماء الكون، وكأنه يتحرك بكمبيوتر إلهي؟ فهل جاء هذا الكون عشوائياً، أو جاء من العدم؟ وهل يمكن أن اللاشيء يخلق شيئاً؟ أو هل يمكن أن يساوي الصفر واحداً؟ أو هل يمكن أن يكون السبب من شيء انفجر فجأة كما يقول بعض العلماء في النظرية الجديدة، والتي تحاول أن تثبت أن الكون لم يُخلق، بل كان السبب هو انفجاراً كونياً BIG BANG كما يقولون، وتنفي وجود إله خلق هذا الكون، والتي تدّعي أيضاً أن الكون قد تكوَّن في ثلاث دقائق فقط من شيء انفجر فجأة؟ والسؤال المنطقي الذي يمكن أن نسأله هو: من أين جاء هذا الشيء الضخم جداً، الذي انفجر فجأة، ومن خلقه؟ وهل جاء عشوائياً بالصدفة أو جاء من العدم؟ ويطول الكلام عن الكون إلى ما لا نهاية، مما يجعلنا نخرج عن الموضوع الأساسي. ولكن ما ذُكر في هذا الخصوص هو أكثر جداً من إقناع أي إنسان عاقل بوجود الله. ولقد قال الله في (إشعياء 1: 3) «اَلثَّوْرُ يَعْرِفُ قَانِيهِ، وَالْحِمَارُ مِعْلَفَ صَاحِبِهِ». فهل من المنطق أن يكون الثور والحمار أفضل من الإنسان العاقل؟ وجاء في مزمور 14: 1 على فم النبي داود الملك «قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: لَيْسَ هناك إِلَهٌ».
وبالطبع ليس الكون هو الدليل الوحيد على وجود الله، فهناك أيضاً أدلة أخرى لا تُحصى.
ملحوظة هامة أيضاً: شعب الله المختار كان بني إسرائيل في القديم، وهم من عائلة النبي يعقوب (أي إسرائيل) بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، وعمه الكبير إسماعيل. ولم يكن اختيارهم لأنهم شعب مُتميز عن باقي الشعوب، بل كان اختيارهم من مطلق الحرية الإلهية في اختيار العائلة التي سيأتي منها ابنه الوحيد، أي كلمته السيد المسيح وروحه المتجسد في صورة إنسان ليفدي البشرية. أما شعب الله المختار في العهد الجديد، فهو كل من يؤمن ويقبل موت المسيح حباً بالنيابة عنه، ليحرره من عبودية الخطية وسيطرة الشيطان، ومن الموت الروحي الأبدي في جهنم النار الأبدية في اليوم الأخير.

8- ما هي الحقائق الهامة التي يجب أن يعرفها كل إنسان؟


لقد أعطي الله حرية الاختيار لآدم، وخيَّره بين الأكل من ثمر ملايين أشجار الجنة الجميلة وبين الأكل من ثمر الشجرة الوحيدة الممنوعة التي كانت في وسط الجنة، شجرة معرفة الخير والشر. وأوصى الله آدم: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ (جسدياً أنت ونسلك، وتعود إلى التراب الذي أخذت منه، ثم روحياً في جهنم النار في اليوم الأخير)» (سفر التكوين 2: 16، 17). وجميعنا نعرف أن آدم وحواء تمردا على الله واختارا الأكل من هذه الشجرة المُحرمة، ومنذ ذلك اليوم أصبح آدم وحواء بعد أن كانا يعرفان الخير فقط، يعرفان هما ونسلهما الشر أيضاً، والدليل على ذلك أن ابنهما الأكبر ذبح أخاه الأصغر دون أن يخطئ في حقه. ومن يومها أصبح الشر والكراهية والحروب وانتهاك حقوق المرأة والطفل والإنسان سائداً على الإنسان حتى هذه اللحظة. وظهر بدون أدنى شك مدى سيطرة الشيطان على إرادته منذ أن خدعهما في جنة عدن.
وليست مآسي الحرب العالمية الثانية بعيدة عن أذهاننا، فقد قامت بسبب تافه ظهر فيه مدى الشر والكراهية الذي أصاب الإنسان رغم تقدمه الكبير في العلم والحضارة، وظهر أيضاً مدى سيطرة الشيطان (عدو الخير والإنسان) على إرادته، فقد سقط فيها أكثر من ستين مليون قتيل وثمانين مليون جريح، ومشوه، ومعوق، ومئات الملايين الذين تشردوا وفقدوا منازلهم وأموالهم ورزقهم. هذا خلاف آلاف المدن التي دمرت تماماً، والخسائر المادية التي كانت من المُحتمل أن تُعمر الأرض عشرات المرات، وتقضي على الفقر والجهل والمرض في كل العالم إلى الأبد. فسواء خدعه الشيطان أم لم يخدعه، فهو في كل الأحوال مذنب، ولا بد أن يتحمل (هو ونسله) نتيجة تمرده وعصيانه لله. والمعروف أن القانون لا يحمي المغفلين. لذلك كان لا بد أن يموت هو ونسله من بعده، جسدياً ويعودوا إلى التراب الذي أُخذوا منه، ثم يموت

أيضاً هو ونسله الفاسد روحياً في جهنم النار في اليوم الأخير.
ولا شك أن القارئ العزيز يتفق معي على أن الله الكليّ العدالة لا يمكنه التنازل أو التراجع عن حكمه وإلا أصبح إلهاً غير عادل أو بلا سلطان. وهو ليس إلهاً عشوائياً يرحم من يشاء ويعاقب من يشاء، ولكن في الحقيقة هو يحب الجميع صالحين وأشراراً كما قال المسيح: «فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ» (متى 5: 45)، وهو لا يرغب أن يهلك أي إنسان كما يقول الإنجيل. لكن كما أنه غفور رحيم فهو أيضاً شديد العقاب، وإلا اختل ميزان العدالة، وهذا لا يمكن أن يحدث (انظر الرسم).


يقول الإنجيل إن الله يحب الإنسان أفضل خليقته، فأراد أن ينقذه من الموت الروحي في اليوم الأخير، فدبر له خلاصاً عظيماً عندما تواضع المسيح بنفسه حباً في الإنسان الهالك متخلياً عن ألوهيته وعظمته، وتجسد في صورة إنسان طاهر، مولوداً من عذراء طاهرة، قادراً على كل شيء، فكل شيء مستطاع لدى الله. وهو الوحيد نسل المرأة الموعود به ليموت على الصليب حباً وفداءً نيابةً عن آدم ونسله، ويكون كبش الفداء حتى يوفي العدالة الإلهية التي تطالب بموت الإنسان في جهنم النار في اليوم الأخير، أولاً قبل أي شيء آخر! وحقاً إن الله روح قدوس خالق السماوات والأرض، لا يموت. ولكن عندما تجسد كإنسان أمكن أن يموت بالجسد الذي اتخذه الكلمة المتجسد. لكنه ظلَّ حياً بلاهوته. وبالطبع الموت لا يمكن أن ينتصر عليه كما انتصر على آدم ونسله الفاسد، فهو قام منتصراً على الموت الأبدي في فجر اليوم الثالث، يوم الأحد، ورآه شهود كثيرون.
وقد يسأل القارئ: لقد أخطأ آدم فما ذنبي أنا؟ وللإجابة على ذلك: دعني أذكرك يا عزيزي بعلم المنطق والوراثة، فالحية تلد حيةً ولا يمكن أن تلد حمامةً، والعقرب يلد عقرباً ولا يمكن أن يلد عصفوراً، وشجرة الشوك تثمر شوكاً وليس عنباً أو تيناً. فكان لا بد لأبينا آدم المتمرد على الله أن يلد متمرداً مثله يستحق الموت الأبدي أيضاً، كما في المثل الشعبي: «من شابه أباه فما ظلم». وأيضاً المثل: "كلنا أولاد تسعة"
والقصة لم تنتهِ بموت المسيح، بل هو قام من بين الأموات في فجر اليوم الثالث كما ذكرنا، يوم الأحد، منتصراً على الموت الأبدي إلى الأبد وعلى الشيطان (الذي يريد هلاكنا)، ومكث أربعين يوماً على الأرض يعلم تلاميذه، وظهر لمئات من شهود العيان، ثم صعِد إلى السماء أمام عيون تلاميذه من جبل الزيتون القريب من مدينة القدس. وهكذا أصبح هناك رجاء أكيد للمؤمنين بفداء المسيح العظيم وانتصاره على الموت الأبدي بأنهم سينتصرون أيضاً على الموت الأبدي في اليوم الأخير.
فماذا ستختار؟ هل تقبل محبة الله وفداءه وتضمن حياة ثانية أبدية سعيدة، أم هل سترفض وتختار الموت الروحي الأبدي؟ فالله ليس ديكتاتوراً يأمر ويجب أن يُطاع، بل هو إله ديموقراطي يريدك أن تأخذ قرارك بنفسك، ليس فقط في تحديد مصيرك الأبدي بل أيضاً في كل ما يخص شئون حياتك، في مأكلك وشرابك ولباسك وصلواتك وأصومك.

9- ما معنى أن المسيح ابن الله؟


معنى المسيح ابن الله، هو في الحقيقة أن المسيح لم يأتِ من أبينا آدم ولا هو من نسله الفاسد، بل هو الوحيد من الناس جميعاً الذي أتى من عذراء طاهرة لم يمسّها بشر ولم يكن له أب أرضي. وكإنسان كان يجب أن يكون له أب مثل كل إنسان، وأنت تتفق معي أيها الصديق العزيز أنه لا يصح أن ندعو أي إنسان باسم أمه، فلذلك السيد المسيح هو الإنسان الوحيد من دون الناس جميعاً الذي دُعي «ابن الله الوحيد» لا بالمعنى الحرفي، فهو روح وكلمة وحكمة وعقل الله المتجِّسد، كما قالت آيات كثيرة في الإنجيل، وكما قال هو عن نفسه مرات كثيرة. وكان هذا ضمن الأسباب التي دعت اليهود يطالبون بصلبه لأنه ساوى نفسه بالله، واتهموه بالتجديف والكُفر. وعند محاكمته ثلاث مرات قبل صلبه أمام رؤساء اليهود والملك هيرودس والوالي بيلاطس، لطموه ولكموه وبصقوا في وجهه وجلدوه مستهزئين قائلين: تنبأ يا ابن الله من ضربك! ثم ضفروا إكليل شوك حاد (بديلاً لإكليل الذهب) وضعوه على رأسه، وكانوا يضربونه بقصبة على رأسه مما زاد ما زاد نزيف الدم. ومعروف طبياً أن الرأس مُمتلئ بالدم أكثر من أي عضو آخر في الجسم، ولذلك كان الدم يغطي كل جسده، فالأبرع جمالاً من كل بني البشر صار منظره بشعاً. وبعد كل هذا التعذيب حمَّلوه صليباً كبيراً لمسافة طويلة ثم صلبوه بين مُجرمَين خارج مدينة القدس، وسمَّروا يديه ورجليه على الصليب، وكان معلقاً عليه مدة ست ساعات في آلام جسدية ونفسية شديدة، وكان المارة يهزون رؤوسهم ويشتمونه ويقولون: «يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، خَلِّصْ نَفْسَكَ! إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللَّهِ فَانْزِلْ عَنِ الصَّلِيبِ!». وَكَذَلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَيْضاً وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ مَعَ الْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ قَالُوا: «خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا! إِنْ كَانَ هُوَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيبِ فَنُؤْمِنَ بِهِ! قَدِ اتَّكَلَ عَلَى اللَّهِ فَلْيُنْقِذْهُ الآنَ إِنْ أَرَادَهُ! لأَنَّهُ قَالَ: أَنَا ابْنُ اللَّهِ!». (متى 27: 39-43).
وعندما صرخ وقال: «أنا عطشان» لم يعطوه قطرة ماء واحدة بل أعطوه خلاً ممزوجاً بمُر في إسفنجة معلقة على قصبة. وفوق الصليب لم يصرخ طالباً العفو، بل طلب المغفرة لصالبيه قائلاً: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ» (لوقا 23: 34). قالها وهو معلق فوق الصليب بين السماء والأرض، ليصالح الإنسان الفاسد مع الله القدوس، مجروحاً جراحات بالغة من الناس الذين أحبهم، وشفى آلاف المرضى منهم بكلمة واحدة أو بلمسة من يده الشافية أو حتى بلمس ثوبه فقط، وفتح عيون عشرات العُميان، ولمس البرص فطهرهم، وجعل العشرات من الصُم والبُكم يترنمون فرحاً، وجعل مئات المُقعَدين والعُرج والمفلوجين يطفرون ويهلّلون شاكرين من الفرح، وأقام الموتى، وأشبع آلاف الجياع بقليل من الخبز وصغار السمك، وأخرج آلاف الأرواح النجسة (أي الشياطين) من المجانين بكلمة أمرٍ منه. وكان يجول في المدن والقرى ماشياً على قدميه يصنع الخير للجميع. وبغفرانه لصالبيه أثبت أن الذي صُلب هو بنفسه وليس إنساناً آخر شبيهاً به. فلو كان شبيهٌ به صُلب في مكانه وهو بريء لملأ الدنيا صراخاً أنه ليس المسيح، ولصبَّ اللعنة على صالبيه. وهكذا برهن المسيح بغفرانه لصالبيه أنه إله متجسد.

ملاحظات:
1- كان في إمكان المسيح قبل القبض عليه أن يستدعي اثني عشر جيشاً من الملائكة لإنقاذه في الحال، وكان في إمكانهم أن يُبيدوا كل سكان الكرة الأرضية مضاعفاً 22 مرة ولكنه لم يفعل. راجع (متى 26: 53)
2- من المحتمل أن السيد المسيح صُلب ومات في نفس مكان شجرة معرفة الخير والشر التي كانت في وسط الجنة في مدينة القدس والتي نصح الله آدم أن لا يأكل منها، وفي نفس المكان الذي قتل قايين أخاه قابيل وأيضا نفس المكان الذي فدي فيه الله ابن إبراهيم بكبش أي بذبح عظيم.
وسيعود المسيح في اليوم الأخير في السحاب فوق مدينة القدس في نفس المكان الذي صُلب فيه حباً وفداءً عن البشرية كلها، يوم الحساب والدينونة، مع الملايين من ملائكته القديسين وآثار المسامير في يديه ورجليه وأثر الحربة الكبيرة التي اخترقت جنبه الطاهر، ليدين الأحياء والأموات على شيء واحد فقط: هل قبلوا محبته وفداءه وكفارته العظيمة بالدماء الطاهرة؟ أم رفضوه، ولن ينفع مال ولا بنون ولا أعمال صالحة تنقذهم من جهنم النار.


قال المسيح: «مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ (في اليوم الأخير)؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ (الغالية في اليوم الأخير؟)» (متى 16: 26). فلماذا تخسر يا صديقي نفسك الغالية لتُطرح في جهنم النار الأبدية؟ وماذا تنتظر؟ فالحكمة تقول: لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، والفرصة الذهبية متاحة لك الآن بقراءة هذا الكتاب. وأنت لا تستطيع أن تضمن حياتك ولو لثانية واحدة. وما المانع من أن تركع لله نادماً على خطاياك الكثيرة (ولو ارتكبتها بأفكارك وحدها) وتطلب الخلاص الآن؟ والله المحب الذي أحبك وفداك بدم المسيح الطاهر (كلمة الله وروح الله المتجسد في صورة إنسان) سيقبلك في الحال ولن يرفضك أبداً.



 

 

 

10- ماذا يقول القرآن عن السيد المسيح


ملاحظات هامة: السيد المسيح هو كلمة الله المتجّسد في صورة إنسان، يقول القرآن عنه في سورة البقرة 253 «تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات، وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس». وروح القدس هو روح الله القدوس، كما يقول بعض المفسرين من علماء المسلمين مثل الرازي وابن حنبل. وفي سورة آل عمران 45 «إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين». وفى سورة النساء 171 «إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه». وفى سورة مريم 17 «فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً». والملاك جبرائيل من رؤساء الملائكة لم يكن إلا مجرد رسول ليبلغ مريم العذراء المُطهرة والمُصطفاة على نساء العالمين هذه البشارة السارة، فهو مجرد رسول مثله مثل الملائكة الآخرين كما جاء في سورة فاطر 1: «الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً». وهو بالطبع لا يملك روح الله ولا يستطيع أن يهب مريم الجنين. والدليل على أن الله هو الذي أرسل روحه إلى مريم ما جاء في سورة التحريم 12: «ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا». فالسيد المسيح إنسان متميز عن كل إنسان وكل الأنبياء، وفي سورة مريم 21 يقول: «كذلك قال ربك هو عليَّ هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً». وفي سورة آل عمران 55 «إذ قال الله يا عيسى إني مُتوفيك ورافعك إليَّ ومُطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة». وهو كلمة (أي عقل وحكمة الله وروحه الواحد الأحد والذي بمعجزة إلهية تجسد في صورة إنسان طاهر قدوس!) فالله القادر على كل شيء يفدي الإنسان من سيطرة إبليس وعبودية الخطية ومن الطرح في جهنم النار الأبدية في اليوم الأخير.

11- وماذا يقول الإنجيل عن السيد المسيح؟


في الإنجيل الكثير من الآيات التي تُثبت أن المسيح كلمة الله هو الله المتجِّسد بذاته في صورة إنسان، منها ما جاء في سفر الرؤيا (19) «وَيُدْعَى اسْمُهُ الأمِينَ وَالصَّادِقَ .. كَلِمَةَ اللهِ .. وَمَلِكَ المُلُوكِ وَرَبَّ الأرْبَابِ». وفي (يوحنا 1: 1-3): «فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ. هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللَّهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ». وقال المسيح لمحاوريه من اليهود في يوحنا 8 : 23: «أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ». وقال في يوحنا 10: 30 «أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ». وقال لتلاميذه بعد انتصاره على الموت بقيامته، وقبل أن يرتفع إلى السماء أمام عيونهم: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ» (متى 28: 18). وقال في يوحنا 14: 6: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي». وقال لتلميذه فيلبس في يوحنا 14: 9، 10 «أَنَا مَعَكُمْ زَمَاناً هَذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ. فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ أَرِنَا الآبَ؟ أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي (الله) الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟». وقال في سفر الرؤيا 22: 13 «أَنَا الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ». وقال في يوحنا 8: 12 «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ». وقال في يوحنا 11: 25، 26 لمرثا أخت صديقه لعازر الذي كان قد مات وظل في القبر أربعة أيام، ثم أقامه من الموت بعد أن أصبح رمه كريه: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ (جسدياً) فَسَيَحْيَا (بجسد روحاني في اليوم الأخير). وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيّاً (الآن) وَآمَنَ بِي (وبفدائي) فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ (روحياً)». وقال في متى 11: 28-30 «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ».
وجاء عن المسيح في رسالة كولوسى 1: 15-17 أنه «صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ (أي قبل الخليقة). فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشاً أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. اَلَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ الْكُلُّ». وجاء عنه في رسالة فيلبي 2: 6-10 «إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ، لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ، مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذَلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضاً، وَأَعْطَاهُ اسْماً فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ، لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ». وجاء عنه في الرسالة إلى العبرانيين 1: 2، 3: «الَّذِي جَعَلَهُ (الله) وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضاً عَمِلَ الْعَالَمِينَ. الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ (أي صورة منظورة لله)، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيراً لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي». وجاء عنه في 1تيموثاوس 3: 16 «وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ» وهذا السر العظيم بالطبع لا يستطيع أن يُدركه إنسان.
والسيد المسيح هو الديان الوحيد في اليوم الأخير كما جاء في إنجيل متى 24: 30، 31 «وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ (أي المسيح) فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوقٍ عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا». وفي متى 25: 31 -46 قال المسيح: «وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ، فَيُقِيمُ الْخِرَافَ (أي المؤمنين) عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ (أي غير المؤمنين) عَنِ الْيَسَارِ. ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ.. ثُمَّ يَقُولُ أَيْضاً لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ.. فَيَمْضِي هَؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ، وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ». وفي سفر الرؤيا 19: 11-16 رأى يوحنا الرائي ما سيحدث في اليوم الأخير، فقال: «ثُمَّ رَأَيْتُ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِيناً وَصَادِقاً، وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ. وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ، وَعَلَى رَأْسِهِ تِيجَانٌ كَثِيرَةٌ.. وَهُوَ مُتَسَرْبِلٌ بِثَوْبٍ مَغْمُوسٍ بِدَمٍ (دم أعدائه)، وَيُدْعَى اسْمُهُ «كَلِمَةَ اللهِ». وَالأَجْنَادُ (الملائكة) الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ كَانُوا يَتْبَعُونَهُ عَلَى خَيْلٍ بِيضٍ، لاَبِسِينَ بَزّاً أَبْيَضَ وَنَقِيّاً (لكي يطرحوا غير المؤمنين في جهنم النار الأبدية). وَمِنْ فَمِهِ يَخْرُجُ سَيْفٌ مَاضٍ لِكَيْ يَضْرِبَ بِهِ الأُمَمَ (من غير المؤمنين).. وَلَهُ عَلَى ثَوْبِهِ وَعَلَى فَخْذِهِ اسْمٌ مَكْتُوبٌ: «مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ».
والمسيح هو المخلص الوحيد كم قال في يوحنا 3: 14، 15: «وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ (على راية خشبية) هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ (المسيح ابن مريم)، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ» (يوحنا 3: 15). وأعظم آية قالها المسيح، وهي أعظم آية في الإنجيل أيضاً جاءت في إنجيل يوحنا 3: 16 «لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ (أي المسيح كلمة الله)، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ».
ونقرأ في التوراة عن حادثة النجاة والحياة من جديد لكل من نظر نظرة واحدة فقط بثقة وإيمان إلى الحية النحاسية التي رفعها موسى النبي على راية نحو عام 1300ق م في صحراء سيناء، بعد أن قتلت الحيات السامة كثيراً من الشعب المتمرد، والتي سلطها الله على بني إسرائيل عقاباً لهم. فصرخوا طالبين من موسى النبي أن يصلي لله لينقذهم. فقال الله لموسى النبي: «اصْنَعْ لكَ حَيَّةً مُحْرِقَةً وَضَعْهَا عَلى رَايَةٍ، فَكُلُّ مَنْ لُدِغَ وَنَظَرَ إِليْهَا يَحْيَا (من جديد)». فَصَنَعَ مُوسَى حَيَّةً مِنْ نُحَاسٍ وَوَضَعَهَا عَلى الرَّايَةِ فَكَانَ مَتَى لدَغَتْ حَيَّةٌ إِنْسَاناً وَنَظَرَ إِلى حَيَّةِ النُّحَاسِ يَحْيَا» (سفر العدد 21: 4-9).


B.M.J هذا شعار مجلة الجمعية
الطبية البريطانية
وهو شبيه بشعار هيئة الصحة العالمية


وهكذا أصبحت الحية المعلقة على عمود رمزاً لهيئة الصحة العالمية وأيضاً للصيدليات ووزارات الصحة وملحقاتها في كل العالم الآن، رغم مرور نحو 3300 سنة على هذه الحادثة، وهي أيضاً ترمز للصليب الذي علق عليه المسيح بين السماء والأرض مدة ست ساعات في مدينة القدس، لينال كل من ينظر إليه بثقة وإيمان الشفاء من مرض الخطية، والحياة الجديدة والمصالحة مع الله. وأيضاً ترمز لهلاك الشيطان (الحية القديمة) في الصليب (في القرن الأول الميلادي نحو سنة 30م).

12- مسؤولية الإنسان


وكل المسئولية التي عليه بعد أن عرف أنه خاطئ بالوراثة من آدم وأيضاً بأفعاله الذاتية، ويستحق الموت النفسي والروحي الأبدي هو أن يطلب في صلاته بحرارة من الله القادر على كل شيء، الروح القدس الذي يعطيه القدرة على النصر وعلى الخطية وعلى إغراء الشيطان والتوبة النصوحة. والدليل على ذلك ما قاله المسيح: " فإني أقول لكم: اطلبوا (من الله) تُعطوا، اسعوا (لدى الله) تجدوا، اقرعوا (باب السماء) يفتح لكم. فإن كل من يطلب (من الله) ينال، ومن يسعى (لدى الله) يجد، ومن يقرع (باب السماء) يفتح له. فأي آبٍ منكم يطلب منه ابنه خبزاً فيعطيه حجراً؟ أو يطلب سمكة فيعطيه بدل السمكة حية؟ أو يطلب بيضة فيعطيه عقرباً؟ فإن كنتم أنتم الأشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة فكم بالأحرى آلأب السماوي يهب الروح القدس لمن يسألونه؟ " (لوقا 11: 9).
وقال الله في التوراة في سفر زكريا 4: 6 «لا بالقدرة ولا بالقوة تنتصر (أيها الإنسان) بل بروحي قال ربُّ الجنود«.
أما المسؤولية التي وضعها المسيح على القادة في كل مكان وكل زمان، سواء الآباء أو الأمهات أو المعلمين أو قادة الدين أو الملوك ورؤساء الدول، فهو هداية الناس جميعاً إلى الطريق الصحيح وعدم ضلالهم. وقد وبخ المسيح قادة اليهود من الكهنة وكتبة التوراة والمعلمين (وهذا ينطبق على كل القادة في كل العالم) إذ قال لهم: «وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ، لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ، وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ، لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ، ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذَلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ. وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ، لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً، وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً!.. وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ، لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ، وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ، وَالرَّحْمَةَ، وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هَذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ. أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ، الَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ! وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ، لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ، وَهُمَا مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوآنِ اخْتِطَافاً وَدَعَارَةً! أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى، نَقِّ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضاً نَقِيّاً.
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ، لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُوراً مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَاراً، وَلَكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْماً! وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ، لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الصِّدِّيقِينَ، وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي دَمِ الأَنْبِيَاءِ! فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ.. أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي، كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟ لِذَلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَكَتَبَةً، فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ، وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ، وَتَطْرُدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ، لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زَكِيٍّ سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ، مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إِلَدَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هَذَا كُلَّهُ يَأْتِي عَلَى هَذَا الْجِيلِ!» (متى 23: 13-36).

13- هل نحن في الأيام الأخيرة، ولماذا؟


وما هي العلامات التي تدل على قُرب القيامة؟
وما هي النبوات التي تختص بهذا الموضوع؟
لا يفوتني أن أشير إلى ما تذكره كلمة الله عن علامات الأيام الأخيرة، والتي كما تدل الأحداث العالمية أن مجيء المسيح ثانية قريب جداً، وقد يحدث الآن في أية لحظة، وتبدأ دينونة اليوم الأخير، و«مُخِيفٌ هُوَ الْوُقُوعُ فِي يَدَيِ اللهِ الْحَيِّ! (في اليوم الأخير)» (عبرانيين 10: 31). فلماذا لا تعمل كل حساب لكيلا تصل إلى مصير أبدي مرعب؟
وسألخص علامات النهاية كما ذكر في كثير من آيات الكتاب المقدس، فمع تقدم العلوم والمعرفة ووسائل الاتصالات كما جاء في التوراة في سفر دانيال 12: 4، وما جاء في الإنجيل في متى 24 ومرقس 13 ولوقا 21. ستجتمع في وقت واحد حروب فظيعة وكثيرة وينشط الشيطان بدرجة كبيرة لأنه يعرف أن أيامه أصبحت قليلة، فيجعل الناس يكرهون بعضهم ويتقاتلون في كل مكان في العالم كما حدث في الحربين العالميتين وكما هو حادثٌ في هذه الأيام، وتقوم أمة على أمة، ومملكة على مملكة، وقبيلة على قبيلة، وطائفة على طائفة، وأخ على أخيه، وتحدث زلازل شديدة وكثيرة بشكل غير عادي، وفيضانات وكوارث طبيعية أخرى، تدل على غضب الله على الأرض والساكنين فيها! كما يقول الإنجيل، وتحدث اضطرابات كثيرة في كل العالم، وتظهر ظاهرة الاحتباس الحراري نتيجة لتصاعد ثاني أكسيد الكربون في الجو من الغازات المنبعثة من المصانع والسيارات والطائرات والمعدات الحربية والقنابل المتفجرة والصواريخ العملاقة، وبسبب هذا كله ارتفعت درجة حرارة الأرض بشكل ملحوظ، مما أدى إلى اندلاع الحرائق الكبيرة في الغابات، وظهور أعاصير مدمرة في أماكن مختلفة، وبدأ ذوبان الجليد في القطب الشمالي والجنوبي والذي سيؤدي إلى ارتفاع مستوى البحار، فتختفي كثير من الجزر والبلاد المنخفضة، وتحدث فيضانات مُدمرة في كل الكرة الأرضية. وتنتشر الأوبئة الفتاكة مثل مرض الإيدز (الذي حسب الإحصاءات مات به أكثر من 12 مليون إنسان حتى كتابة هذه الكلمات. وهناك مرض الإيبولا EBOLA الفيروسي والأخطر من مرض الإيدز، والذي ظهر في شرق أفريقيا وخاصة في زائير، ثم انتشر في غرب أفريقيا وفي العالم أيضاً، وهو يقتل الإنسان في سبعة أيام فقط بعد أن تحدث له حمى وإسهال ونزيف حاد من جميع أجزاء جسده. وتظهر أمراض خطيرة وغريبة علينا لم نسمع بها من قبل مثل مرض جنون البقر Cow madness Des الذي يدمر خلايا المخ في البقر والإنسان والذي ظهر في إنجلترا أولاً ثم انتشر في دول أوروبا وغيرها. وليس لهذه الأمراض علاج حاسم حتى الآن. ووباء الحمى القلاعية Mouth and Foot Des. التي ظهرت في الماشية في إنجلترا ثم انتشرت في أوروبا والتي بسببها أحرقت إنجلترا أكثر من مليون رأس من الماشية في آخر القرن العشرين. وقد عادت أمراض أخرى للظهور بدرجة أكثر عنفاً من السابق مثل الملاريا والسل وغيرهم، بعد أن كان الأطباء قد اعتقدوا أنهم انتصروا عليها. والأخطر من هذا كله هو عدم فعالية المضادات الحيوية على الميكروبات لأنها اكتسبت مناعة ضدها.
وتحدث أيضاً مجاعات كبيرة في أماكن كثيرة في العالم كما نراه حادثاً في هذه الأيام، خاصة بعد اندلاع الحروب الكثيرة، وانتشار اللاجئين والنازحين والمشردين في جميع أنحاء العالم، بسبب الكوارث الطبيعية المختلفة والانفجار السكاني، والفقر، والجفاف والتصحُّر الذي عمّ مناطق كثيرة من العالم (آخر تقرير للأمم المتحدة عند كتابة هذه السطور يقول إنه يوجد الآن أكثر من 850 مليون جائع في 2003م). (اقرأ إنجيل لوقا 21) لأنه مكتوب فيه عن هذه المجاعات الكبيرة التي ستحدث قبل يوم القيامة.
وتتلوث البيئة من الغازات السامة التي تنبعث من السيارات والطائرات والمصانع والمعدات الحربية والصواريخ العملاقة والقنابل المتفجرة، وانفجار بعض المفاعلات الذرية، كما حدث في تشرنوبل في أوكرانيا 1986م الذي لوَّث البيئة بالإشعاعات الذرية من البلوتونيوم المشع الخطير لملايين السنين كما يقول علماء البيئة، وقد تحدث انفجارات مماثلة أيضاً في مفاعلات أخرى منتشرة في العالم كله. وتتلوث البحار والأنهار من النفايات الذرية والمواد الكيماوية السامة التي تُلقى فيها. وقريباً جداً ستُدمر الأرض من التجارب الذرية، التي يبدو أنها لن تنتهي، حيث تمت 2011 تجربة ذرية حتى الآن، بعد أن أجرت الهند وباكستان 11 تجربة ذرية في باطن الأرض في شهر مايو 1999م.
وينتشر الفساد والانحلال الأخلاقي والشذوذ الجنسي والإرهاب في أنحاء كثيرة من العالم، كما تظهر تعاليم مضللة شيطانية تجعل الناس يفضلون عبادة الشيطان والأصنام والمال والحجارة والقبور وحتى أرواح الأموات أكثر من عبادة الله الواحد القدوس خالق السماوات والأرض وكل ما فيها، ويصبح الناس قساة القلوب متحجري العواطف، محبين للمال ولأنفسهم، خائنين، كذابين. وتنهار الناحية الاقتصادية في كثير من دول العالم.
وتكون هناك علامات في السماء كثقب الأوزون المخيف الذي ظهر في القطب الجنوبي من الكرة الأرضية في هذه الأيام الأخيرة كما حدث في أستراليا ونيوزلندة وأمريكا الجنوبية، والذي يهدد الناس بحدوث السرطانات الجلدية الخطيرة بسبب الأشعة فوق البنفسجية التي تمر بدون عائق من هذا الثقب. ولقد حذرت حكومة شيلي الناس (أثناء كتابة هذه السطور) من الخروج إلى الشوارع حتى لا يتعرضوا لهذه الأشعة الضارة. ولا يخفى علينا مدى تأثير هذا الثقب الخطير، والذي يتسع كل يوم كما يقول العلماء، على البيئة بدرجة خطيرة جداً، وخاصة على الثروة السمكية، والحيوانية، والنباتية في كل العالم، وهي كلها تموت، لأن هذه الأشعة الضارة تغير شكل الجينات الوراثية في كل هذه المخلوقات. وقد ظهرت أخيراً علامات في الشمس والكواكب والنجوم، فتم اكتشاف كوكب عاشر في مجموعتنا الشمسية، و12 مجرة جديدة (في كل منها نحو مئة ألف مليون شمس)، بالإضافة إلى مليار مجرة موجودة الآن (كما قالت جريدة الأهرام القاهرية يوم 4/10/1996).
ومن أهم علامات المجيء ثانيةً انتشار التبشير بالإنجيل في كل العالم، فتُعلن للجميع بشارة الخلاص بدم المسيح، خاصة مع انتشار الأقمار الصناعية ووسائل الإعلام الحديثة، كما قال المسيح الحي القدوس «وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى» (متى 24: 14).
ومعروف أن الكتاب المقدس هو أكثر كتب العالم قاطبة في الطبع والتوزيع، ويطبع منه عشرات الملايين تقريباً بأغلب اللغات، كل أسبوع، وهو مترجم الآن إلى أكثر من ألفي لغة ولهجة. وستنتشر كلمة الله كما تغطي المياه البحار كما يقول الإنجيل، ثم يأتي المنتهى.
وقال المسيح أيضاً: «فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصاً وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ. هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً مَتَى رَأَيْتُمْ هَذَا كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ (يوم القيامة) قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ» (متى 24: 32، 33).
وفي العهد القديم تنبأ النبي دانيال بالتفصيل الدقيق نحو سنة 500 ق.م عن الممالك التي ستحكم الأرض تباعاً من أيامه إلى نهاية التاريخ، فجاء في الأصحاح الثاني من سِفره وهو يفسر حلماً للملك نبوخذ نصر ملك بابل عن نهاية حكم الناس على العالم مُمثلاً في قدمي تمثال مصنوعتين من خليط من الخزف والحديد، (واللذين لا يمكنهما أن يتحدا أو يختلطا)، وهو ما رآه الملك في الحلم، والذي يمثل دولاً كثيرة تحكم الأرض في أواخر الأيام، والتي ستحاول أن تتحالف وتتفق وتتحد ولكنها ستفشل. وعندما تتجمع جميع هذه الدول التي تحكم العالم كله، رغم أن منها دولاً قوية كالحديد ودولاً ضعيفة كالخزف الهش، سيأتي فجأة حكم سماوي أبدي، مُمثل في الحجر (كما جاء في النبوة)، والذي جاء من السماء وضرب التمثال في قدميه، وليس في رأسه، فانسحق التمثال كله وصار كالرماد وتناثر في الهواء. أما ذلك الحجر فصار جبلاً كبيراً ملأ الأرض كلها (والذي يمثل مملكة المسيح الأبدية).
وهذا ما نراه حادثاً في هذه الأيام الأخيرة، فقد تحالفت جميع دول العالم في هيئة الأمم المتحدة (ولكن بدون اتفاق) ومنها دول قوية كالحديد مثل أمريكا وروسيا وإنجلترا وفرنسا والصين وغيرها، مع دول ضعيفة كالخزف الهش. وحتى الآن توجد 190 دولة في الأمم المتحدة (وهم لم يتفقوا أو يتحدوا في أي شيء)، والباقي دول قليلة لم تنضم، وعندما تنضم هذه الدول عن قريب سيأتي فجأة حكم المسيح السماوي والروحي الأبدي.
ولا يفوتني أن أعلق على ما جاء في الإنجيل في سفر الرؤيا أصحاحي 12، 13 عن ظهور ثلاثة وحوش شرسة مرة أخرى قبل اليوم الأخير، كما كان في القرون الأولي الميلادية، أولهم التنين الأحمر (الشيطان) الذي يرمز إلى الوثنية التي حاربت الكنيسة في القرون الثلاث الأولى، والنازية والفاشستية والشيوعية والدكتاتورية التي حاربت الكنيسة والديانات الأخرى في القرن العشرين؛ وأصبح مقولة الدين أفيون الشعوب سائدة في العالم، ويتبعه الوحش الثاني أي النبي الكذاب (المسيح الدجال) المتعطش لسفك الدماء والذي شُفي من جرحه المميت في السابق، وأتباعه يحملون علامة مميزة، وصوته عالٍ مزعج، وكلامه كثير كله كذب؛ ويتحالف معه في أعماله الوحشية الوحش الثالث (هل هو الإرهاب العالمي؟؟). ومعروف أن القرن العشرين (أي الألفية الثانية) لم تنتهِ بعد حسب تقويمات أخرى كالتقويم القبطي واليهودي، فلا تزال بضعة سنين لكي تبدأ الألفية الثالثة وتنتهي الألفية السادسة والأخيرة (أي الستة آلاف سنة التي منحها الله للإنسان ليحكم الأرض، لأن ألف سنة كيوم واحد عند الله)، وبعدها تبدأ الألفية السابعة (أي السبت الأول سبت الراحة) وتبدأ مملكة المسيح الأبدية.
اليوم الأخير قريب، فماذا ستختار يا عزيزي القارئ؟ هل تقبل محبة الله أم هل سترفضها، فالله إله ديموقراطي يعطيك الحرية الكاملة في أن تقبل أو ترفض، ويسمح لك أن تأخذ قرارك بنفسك، ليس فقط في تقرير مصيرك الأبدي بل أيضاً في كل ما يخصك، في مأكلك وشرابك وأصومك وصلواتك، وهو لا يجبرك على شيء. والقصة لم تنتهِ بعد، بل هو قام من بين الأموات في فجر اليوم الثالث يوم الأحد، منتصراً على الشيطان والموت الأبدي، ورآه مئات من شهود العيان ومكث 40 يوماً يعلم تلاميذه، وظهر لمئات من شهود العيان، ثم صعد إلى السماء أمام عيون تلاميذه من جبل الزيتون القريب من مدينة القدس، وسيعود في اليوم الأخير في السحاب فوق مدينة القدس يوم الحساب والدينونة، فوق نفس المكان الذي صُلب فيه نيابة عن الإنسان. وسيكون معه ملايين من ملائكته القديسين، وستكون آثار المسامير ظاهرة في يديه ورجليه وأثر الحربة الكبيرة التي اخترقت جنبه الطاهر. وسيكون مجيئه هذا ليدين الأحياء والأموات على شيء واحد: هل قبلوا محبته وفداءه وكفارته العظيمة بالدم الطاهر، أم رفضوه؟ ولن ينفع مال ولا بنون ولا أعمال صالحة تنقذهم من جهنم النار، كما ذكرنا من قبل. وهكذا أصبح هناك رجاء أكيد للمؤمنين بأنهم سينتصرون أيضاً على الموت الأبدي في اليوم الأخير، وسيُخطف المؤمنون بأجساد روحية، بدون دينونة، في لحظة في طرفة عين، سواء الموتى الذين ماتوا في المسيح أو الأحياء الباقون إلى ذلك اليوم، ليكونوا كل حين مع المسيح. وسيكافئون بمكافآت ومسؤوليات مختلفة الدرجة، كل واحد حسب عمله وتعبه في جلب الكثيرين إلي ملكوته الأبدي. أما غير المؤمنين فستطرحهم الملائكة في جهنم النار الأبدية حيث البكاء وصرير الأسنان من الندم والعذاب النفسي الشديد، المُعدة لإبليس وملائكته الجان وأعوانه من الناس، أعداء الخير والسلام والمحبة بين الناس، ومنتهكي حقوق المرأة والطفل والإنسان في العيش في أمان وحرية وكرامة في هذا العالم.

14- ما هيئ طبيعة السيد المسيح؟


والحكمة تقول: لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد. وها أنت قد عرفت معظم الحقيقة فليس لك عذر أيها الإنسان. وأرجو من كل قلبي أن تحسم أمرك الآن وتتوب بعقلك إلى الله وتصرخ للمخلص الوحيد ( كلمة الله، المسيح ابن مريم، لينقذك، والذي بمعجزة إلهية تجسد في صورة إنسان، فدُعي «ابن الله» و«ابن الإنسان» و«نسل المرأة» العذراء الطاهرة، لأنه الوحيد الكامل الذي بلا خطية. وقد قال المسيح إجابة على سؤال رؤساء اليهود: من أنت لتجعل نفسك ابن الله؟ فأجاب: «أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ (من التراب) أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ» (يوحنا 8 : 23). وهذه حقيقة يجب أن لا تفوت كل عاقل، فمن صميم العقيدة المسيحية أن للسيد المسيح طبيعتين في شخص واحدة: طبيعة لاهوتية (إلهية)؛ وطبيعة ناسوتية (إنسانية). وهذه هي المعجزة الكبرى، فهو إله قدوس متجسد (أي كلمة وعقل وحكمة وروح الله الواحد الأحد، الذي تجسد في صورة إنسان طاهر)، فهو معجزة فريدة من الله كما قيل في سورة مريم 21 «ولنجعله آية للناس ورحمة منا». وكانت له قدرة إلهية مثل الله تماماً في شفاء كل الأمراض بكلمة منه، أو بلمسة من يده الطاهرة، وحتى المرضى الذين لمسوا ثوبه نالوا الشفاء التام (انظر إنجيل مرقس 5، واقرأ عن شفاء المرأة البائسة واليائسة التي كان عندها نزيف دم متواصل مدة اثنتي عشرة سنة وصرفت كل ما عنها عند الأطباء ولم تشفى ثم شُفيت بلمس ثوب المسيح من الخلف فقط) كما خلق أشياء من العدم عندما خلق عينين لإنسان بالغ، كبير السن وُلد أعمى (اقرأ يوحنا 9) وأقام موتى بعد أن أصبحوا رمه كريهة منهم لعازر صديقه بعد موته بأربعة أيام (اقرأ يوحنا 11). ويقول القرآن إنه كان يخلق من الطين طيراً حياً (سورة آل عمران 49 وسورة المائدة 110). كما كان إنسانٌ طاهراً قدوساً في نفس الوقت، فكان يعمل نجاراً يتعب ويعرق ويحزن ويصلي لإلهه، ثم مات مثل كل الناس، ولكن الفرق الوحيد بينه وبين الآخرين أنه لم يخطأ أبداً والموت لم يستطع أن ينتصر عليه كما انتصر على آدم ونسله الفاسد المتمرد، بل هو قام من بين الأموات في فجر اليوم الثالث يوم الأحد (ولذلك الصلاة الجماعية للمسيحيين هي في يوم الأحد) منتصراً على الموت الأبدي أمام شهود كثيرين ومكث أربعين يوماً يعلّم تلاميذه، وظهر لمئات من شهود العيان ثم صعد إلى السماء أمام عيون تلاميذه الكثيرين من جبل الزيتون القريب من مدينة القدس. لذلك سُميّ ِفي التوراة والإنجيل، ابن الله وابن الإنسان. وأيضاً دعي في الإنجيل في رؤيا 19، ملك الملوك ورب الأرباب.
وللمزيد من شرح موضوع التجسد، دعني يا صديقي العزيز أُلقي الضوء على هذا الموضوع الهام، فرغم أنه يبدو موضوعاً غامضاً وغير معقول، ولكننا في الحقيقة نعايشه الآن في كل لحظة من لحظات حياتنا اليومية. فلقد استطاع الإنسان المعاصر أن يُجسد الإنسان وكل المخلوقات الحية في الراديو والهاتف والتلفزيون والسينما والفيديو والكومبيوتر، وأقرب مثال لذلك ما نشاهده يومياً في التلفزيون، فنحن نرى فيه عشرات الألوف من الناس (كما رأيناه مثلاً في مباريات كأس العالم) وكل المخلوقات الحية مُجسَّدين حقيقة أمامنا في التلفزيون رغم بعدهم عنا آلاف الأميال، ولكن في نفس الوقت كنا نشعر وكأننا نعيش في وسطهم، وليس هذا كان مجرد صورة أو خيال. والسؤال: إذا كان الإنسان المعاصر استطاع أن يُجسِّد كل المخلوقات الحية، فهل يعجز الله القادر على كل شيء أن يكون في السماء وفي نفس الوقت يُجسِّد نفسه في صورة إنسان حقيقي على الأرض كالمسيح القدوس؟ (وهناك أمثلة أخرى، ولكن عموماً ليس للأمثلة بُعد لاهوتي، لكنها لتقريب الفكرة لأذهاننا).
ولقد ذُكر في 1تيموثاوس 3: 16 «وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ». وقال المسيح في يوحنا 10: 30 «أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ». وقال في يوحنا 14: 10 لتلميذه فيلبس: «أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الله الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟». وحسابياً نحن نعرف أن 1× 1 × 1= 1
وليس بعيداً عن ذهنك يا عزيزي القارئ أن الإنسان الحي الواحد (وليس الإنسان الميت) مكوَّن من ثلاثة في واحد، وواحد في ثلاثة مثل الله، كما ذُكر في التوراة «خَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ، وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ، وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ» (سفر التكوين 1: 27، 28). فالإنسان له روح خالدة من الله يحيا ويتحرك ويوجد بها، ونفس خالدة أيضاً ناطقة عاقلة مفكرة ولها منطق وإرادة وعواطف مختلفة عن المخلوقات الأخرى، وجسد ترابي قابل للفناء من لحم ودم وعظام وأعصاب وحواس، في شخصية واحدة متكاملة. والإنسان الحي مخلوق على صورة الله. إنما الفرق أن الإنسان له جسد ترابي مخلوق من التراب قابل للموت والفناء، أما الله فهو روح واحد أحد كما ذكر المسيح في يوحنا 4: 24 «الله رُوحٌ (واحدٌ أحد)» وهو أزلي أبدي سرمدي لا بداية له ولا نهاية.
والوحدة الجامعة المتكاملة كثيراً ما نجدها في الطبيعة وخليقة الله. ففي الشمس مثلاً نرى ذات قرص الشمس ونورها، ونحس بحرارتها، وهؤلاء الثلاثة هم في واحد، لا ينفصلون بتاتاً. وهناك أمثلة أخرى نجدها في الذرة الصغيرة فهي أيضاً ثلاثة في واحد، فهي مكونة من بروتون ونيوترون وإلكترون لا ينفصلون عن بعضهم إلا بالتفجير الذري.
والخلية الحية مكونة من النواة والسايتوبلازم وغشاء الخلية، وفي غياب أحد هؤلاء الثلاثة تموت الخلية في الحال. والجنين الواحد سواء في الإنسان أو الحيوان أو الطير مكوَّن من ثلاثة أنسجة، وهم الإكتوديرم والميزوديرم والإندوديرم. ورغم أن كل نسيج منهم متميز عن الآخر وله خواص منفصلة. فالإكتوديرم مثلاً يُكوّن الجهاز العصبي والحواس الخمسة والطبقة الخارجية من الجلد وخلافهم، والميزوديرم يُكوّن القلب والدم والدورة الدموية والغدد الصماء والهيكل العظمى والعضلات واللحم وخلافهم، والإندوديرم يُكوّن الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والجهاز البولي والجهاز التناسلي وغيرهم. إلا أن الثلاثة يُكوّنون جنيناً واحداً مُتكاملاً ومُنسجماً. ويقوم الله بنسجهم داخل الرحم ليجعل من ثلاثتهم شخصية واحدة منسجمة متكاملة، رغم تعدد هذه الأجهزة المعقدة جداً.
فلا تيأس يا عزيزي من فهم هذه الحقيقة، فعقلنا المحدود عاجز عن استيعاب هذا السر العجيب أن الله ثلاثة في واحد وواحد في ثلاثة، لذلك أصبحت الإجابة واضحة، فالمسيح إذن هو كلمة الله (أي عقل وحكمة الله (LOGOS) وروح الله هو بذاته الواحد الأحد. فالله القادر على كل شيء كان قادراً أن يتجسد في شعلة من النار وفي شجرة تتقد بالنار دون أن تحترق ويتكلم مع كليمه النبي موسى ويتحاور معه لفترة طويلة (اقرأ سفر الخروج الأصحاح الثالث) بالقرب من جبل حوريب في سيناء حيث نزلت الشريعة، أي الوصايا العشر. فهل يعجز الله أن يتجسد في صورة إنسان، خلقه على صورته؟
وكلمة أخيرة لك يا عزيزي القارئ: جاء في 1يوحنا 4 : 8، 16 «الله مَحَبَّةٌ». وهو يحبك ويحب الجميع ويريد لهم السعادة في ملكوته الروحي الجديد، فلماذا تتمرد وترفض هذه النعمة الإلهية؟
ولك مني المحبة والسلام.
بقلم د. جميل عبد السيد فرح
أكتوبر 2003
E-mail:
gamilfarah2@yahoo.com

15- من نبوات السيد المسيح:


تنبأ السيد المسيح الحي كلمة الله وروح الله الواحد الأحد قبل ألفي سنة في إنجيل متى 12: 25 وقال: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ». وهذه النبوة تنطبق بالتفصيل على كل ما يحدث في هذه الأيام، فالكل في خلاف، كما ترى يا صديقي ما هو حاصلٌ في الأمم المتحدة ومجلس الأمن والأمة العربية والإسلامية وأغلب دول العالم، وهذا أكبر دليل على قرب علامات الساعة وخراب هذا العالم الفاسد.
وتنبأ في إنجيل متى 5: 9 وقال: «طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللَّهِ يُدْعَوْنَ». والويل لصانعي الحروب وأعداء السلام، لأنهم يُدعَون أبناء الشيطان. فلماذا لا تعمل للسلام حتى يرضى الله عنك.
وتنبأ المسيح أنه «يُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى» (متى 24: 14). وقد أكملت جمعية «الجدعونيين» وهي إحدى الجمعيات العالمية التي تطبع وتوزع مجاناً، مليار كتاب مقدس مجاناً بعدة لغات في أغلب دول العالم بنهاية أكتوبر 2002 . أليس هذا أكبر دليل على قرب النهاية؟
وقال المسيح في إنجيل متى 24: 35 «اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلَكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ». وهذه حقيقة لا بد ستحدث لأن الله كان غاضباً علي الأرض وآدم عندما لم يستمع آدم لوصيته فجاء في التوراة في سفر التكوين 3: 17 ما يلي: "وقال الرب الإله لآدم، لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلاً لا تأكل منها ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك. وشوكاً وحسكاً تنبت لك. وتأكل عشب الحقل. بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلي الأرض التي أُخذت منها. لأنك تراب وإلي تراب تعود". فهذه الأرض الملعونة لا بد أن الله سيبدلها بأرض جديدة يسكن فيها البر والسلام كما قال الرائي يوحنا التلميذ في رؤيا 21: 1 "ثم رأيت سماء جديدة وأرضاً جديدة لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا والبحر لا يوجد في ما بعد".

ولمعرفة المزيد أرجو من القارئ العزيز قراءة كتاب " مدينة القدس والمسجد الأقصى " وكتاب "كيف نتصالح مع الله؟" لنفس الكاتب في هذا الموقع في الإنترنت:


الغلاف الخارجي
الخلفية تكون بالأزرق أو الأخضر

هل نحن في الأيام الأخيرة ولماذا؟

وما هي العلامات التي تدل على قرب القيامة؟
وما هي التنبؤات التي تختص بهذا الموضوع؟

وكيف يطمئن الإنسان على مصيره الأبدي؟
هذا الكتاب يجيبك على كل هذه التساؤلات ويمنحك السلام النفسي الأبدي




المراجع:

التوراة، الإنجيل، والقرآن.
الترجمة التفسيرية للكتاب المقدس باللغة الإنجليزية (LIVING BIBLE)

كتاب «برهان يتطلب قراراً» تأليف جوش مكدول، ترجمة الأستاذ الدكتور القس منيس عبد النور.
كتاب «قصة العقيدة الإنجيلية» للدكتور القس لبيب مشرقي.

كتاب «المسيحية في الإسلام» للقمص إبراهيم لوقا 1938م.
كُتيب «الإيمان العظيم» (Mighty Faith ) تأليف ج. أزوالد ساندرز.

كتاب «شبهات وهمية حول الكتاب المقدس» إعداد الأستاذ الدكتور القس منيس عبد النور.
كتاب علوم وأساسيات الطب الباطني (Davidson).

إقرأ واطبع الكتاب على شكل PDF

 

إلى الأعلى

الى الكتاب المقدس | الى مجلة النعمة | الى صفحة البداية