99
ما رأيك في يسوع؟

الجزء الأول

أصدقائي المستمعين ..
نحيِّيكم باسم الله ، رب السلام ، الذي يريد أن يفهم الجميع طريق البرّ الذي أسَّسه ، وأن يخضعوا لهذا الطريق ، فيكون لهم سلامٌ حقيقيٌّ معه إلى الأبد. يسعدنا أن نكون معكم مرة ثانية اليوم ، لنقدِّم لكم حلقةً أخرى من برنامجكم .. ‘‘طريق البر’’!

كنا لوقتٍ طويل نتفحَّص معاً كتب الأنبياء؛ لنرى طريق البر الذي أسَّسه الله، والذي يستطيع به الخطاة أن يتبرَّروا أمامه. وقد رأينا كيف تمَّم يسوع المسيَّا (أي المسيح) كلام أنبياء الله. وفي درسنا اليوم، وفي الدرس القادم أيضاً، سوف نراجع معاً مجد ذاك الذي تكلَّم عنه جميع الأنبياء. وهكذا، فإن الدرسين الأخيرين في دراستنا الزمنية لكتابات الأنبياء، سيكون عنوانهما: ‘‘ما رأيك في يسوع؟’’

في دراستنا في الإنجيل، رأينا يسوع يسأل الناس: ‘‘ماذا تظنون في المسيح؛ ابن من هو؟’’ (متى 42:22) هذا هو أهم سؤال في حياتنا يجب علينا أن نجيبه. فمصيرنا الأبدي يعتمد على إجابتنا على هذا السؤال! فسرعان ما سيأتي يسوع المسيَّا ثانيةً. وعندما يأتي، سيسألك، كما سأل الناس في أيامه، ويقول: ‘‘وماذا عنك أنت يا أخي، ماذا تظن فيَّ؟’’

وهدفنا هو أن نوضِّح لك، عزيزي المستمع، من هو يسوع في الحقيقة؟ إن همَّنا الأول هو أن لا يخدعك أحد في هذا الأمر. فنحن نحثُّك أن لا تفترض أن يسوع المسيح كان مجرد واحدٍ من الأنبياء، أو مجرَّدَ شخصٍ صالحٍ عاش بين الناس. لا؛ فهو شخصٌ فريد! ليس له نظير في هذا العالم، أو حتى العالم الآتي. ماذا تعتقد عنه؟ ومن تظن أنه هو؟ هناك عشرة أسئلة نوَدُّ أن نوجِّهها لك فيما يختص بيسوع المسيَّا: خمسة في هذه الحلقة، وخمسة في الحلقة القادمة.

أولاً: ما رأيك في يسوع وميلاده العجيب؟
فلم يُولَد قط من وُلِد كيسوع. فهو يسوع ابن مريم. فأنتم تعرفون أن يوحنا كان يُدعَى يوحنا ابن زكريَّا، وسليمان ابن داود، وإسماعيل ابن إبراهيم. كل إنسان يُسَمَّى بالنسب إلى أبيه، أي يضيف اسم أبيه إلى اسمه هو. ولكن لماذا في حالة يسوع، كان اسمه منسوباً إلى أمه؟
ذلك، لأنه لم يكن له أبٌ على الأرض. فقد وُلِد من شابةٍ عذراء. ووُلِد بقوة الله. وقبل ميلاد يسوع بنحو سبعمئة عام، تنبأ النبي إشعياء عن كيفية مولده، عندما قال:
‘‘هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً، ويدعون اسمه ‘عمانوئيل’، الذي تفسيره ‘الله معنا’.’’
(إشعياء 14:7 ؛ متى 23:1)

لقد خلق الله جدَّنا آدم من تراب الأرض. ونحن جميعاً نسل آدم، كما كان الأنبياء أيضاً. نحن من الأرض؛ ولكن الرب يسوع جاء من السماء. نحن مثل طينٍ قذرٍ بسبب الخطية؛ ولكن الرب يسوع كان مثل المطر الذي يأتي من السماء. كان طاهراً وقدوساً، تماماً كما أن الله طاهر وقدوس. والإنجيل يعلن أن ‘‘المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلِّص الخطاة.’’ (1تيموثاوس 15:1) فقبل أن يأتي يسوع إلىالعالم، كان في محضر الله؛ لأنه هو كلمة الله وروح الله. لقد اختار بنفسه وبمحض إرادته أن يأتي، ويتَّخذ جسد إنسان، كي يخلِّصنا من خطايانا. لقد جاء من فوق.

يُروَى أن رجلين سقطا في بئرٍعميقة. فقال أحدهما للآخر: ‘‘يا صاحٍ، خلِّصني من هذا المكان القذر! اخرجني من هذا الطين!’’ فقال له الآخر: ‘‘يا غبي، كيف يمكنني أن أخرجك من هنا، بينما أنا وأنت ساقطين معاً في أسفل البئر؟!’’ لقد كانا معاً فيها، ولم يكن يستطيع أحدهما أن يُخرِج الآخر. ثم سمعا صوت شخصٍ من فوق يطلب منهما أن يمسكا بحبلٍ كان يُدَلِّيه لهما إلى أسفل البئر. نعم، لم يكن أحد يستطيع أن يساعدهما، إلا شخصٌ لم يسقط معهما!
إن أفضل ما في الأنبياء لم يستطع أن يخلِّصنا من هوة الخطية العميقة جداً؛ وذلك لأنهم هم أيضاً كانوا خطاة. إلا أن الرب يسوع لم يرث طبيعة الخطية التي في الإنسان. فلقد جاء من فوق، مولوداً من عذراء. كما أننا رأينا أن الله أرسل ملائكته، وأنه وضع نجماً عظيماً في السماء؛ كي يعلن ميلاد المسيَّا القدوس، مخلِّص العالم! نعم، كم كان الأمر كله معجزياً! فلم يُولَد أحد قط مثل الرب يسوع المسيح. فهو فريدٌ في مولده، وليس له نظير! غير أن عظمة يسوع لا تنتهي بمولده. فيسوع فريدٌ أيضاً في شخصيته. ومن هنا يأتي سؤالنا الثاني، الذي يقول:

2- ما رأيك في يسوع وشخصيته القدوسة؟
كان يسوع كاملاً. فهو لم يقترف أي خطية، ولم يطلب أبداً غفراناً أو صفحاً؛ وذلك لأنه لم يخطئ في حق أي إنسان. فكل من يخاف الله، يتعيَّن عليه أن يتوب عن خطيته، ويطلب الغفران. وجميع الأنبياء فعلوا هذا. إلا أنك تستطيع أن تفتش كلمة الله من بدايتها إلى نهايتها، دون أن تجد آيةً واحدةً تقول أن الرب يسوع طلب الغفران. فهو لم يحتَجْ غفراناً؛ لأنه لم يخطئ أبداً. لقد شهد أصدقاؤه وأعداؤه جميعهم على السواء، أنهم لم يجدوا فيه خطأً واحداً.
أصدقائي ..
ليس هناك شخصٌ آخر بلا خطية. فالرب يسوع هو أكثر من مجرد نبي. فهو كلمة الله عينه الذي ظهر على الأرض كإنسان. نعم، إن يسوعَ فريدٌ في شخصيته، وليس له نظير! ولكن هناك شيئاً آخر يجب أن نفهمه، وهو أن يسوع فريدٌ أيضاً في كلامه.

3- ما رأيك في يسوع وكلامه؟
في يوم، أرسل أعداؤه جنوداً ليمسكوه. ولكن عندما وصلوا، وسمعوا تعاليمه، رجعوا دون أن يقبضوا عليه. إذ تعجَّبوا، وقالوا: ‘‘لم يتكلَّم أحدٌ قط كمثل هذا الإنسان!’’ (يوحنا 46:7)

تأمل فيما قاله عن نفسه. قال: ‘‘أنا هو نورالعالم. من يتبعني، لا يمشي في الظلمة، بل يكون له نور الحياة.’’ (يوحنا 12:8)
لقد كان الأنبياء كالقمر و النجوم التي تعكس ضوءاً ضعيفاً في الظلمة. أما يسوع، فهو كالشمس. فمن منَّا يحتاج نور القمر أو النجوم، بمجرَّد أن تشرق الشمس؟ لقد دعى الأنبياء المسيَّا ‘‘شمس البر’’. (ملاخي 2:4) فكان الأنبياء كهلال القمر الباهت. أما يسوع المسيح، فكان كالشمس. هل رأيتم قط ضوء الشمس يضعف؟ لا، فهو لا ينطفئ ولا يضعف أبداً. بل ويضيء كل قارات العالم. إن يسوع المسيح مثل الشمس .. لا يذهب أبداً، وهو لكل أمةٍ في العالم.

قال يسوع أيضاً: ‘‘أنا هو الطريق والحق والحياة.’’ (يوحنا 6:14) إن يسوع يختلف جداً عن قادة الدين الذين يصدرون الأوامر، قائلين: ‘‘إفعلوا هذا! اتبعوا هذاالتعليم! هذا هو الطريق. احفظوا هذه الوصايا! .. ’’ ولكن يسوع قال: ‘‘أنا هو الطريق. آمنوا بي .. تعالوا إليَّ، فيكون لكم الحق أن تعيشوا في محضر الله إلى الأبد.’’ يسوع نفسه هو الطريق.

.. دعونا نشرح ماذا يعني هذا!
فقدَ ولدٌ صغيرٌ طريقه في المدينة الكبيرة. فسأل شرطياً أن يشرح له طريق العودة إلى الحي الذي يقع فيه منزله.
فقال له الشرطي: ‘‘اسمع! سر أماماً حتى تصل إلى الناصية الثانية، ثم اتجه إلى اليسار. ثم سر حتى الناصية الثالثة، واتجه عندها إلى اليمين، واعبر الكوبري. ثم سر مع الدوران، ثم اتبع الشارع الرئيسي الثاني ..ثم ..’’
وهنا انفجر الولد في البكاء. فقد قام الشرطي بشرح الطريق بالفعل، ولكن الطفل صار أكثر ارتباكاً وخوفاً أن يتبع الطريق المعقَّد الذي شرحه الشرطي له. وهنا تصادف أن مرَّ بهما رجلٌ من نفس الحي الذي يعيش فيه الولد. فأمسك الرجل بيد الولد، وقاده في الطريق. وعندما تعب الولد من السير، حمله الرجل وسار به حتى وصلا إلى بيت الولد.
وهكذا نرى أن الشرطي شرح الطريق. ولكن الرجل الآخر .. كان هو الطريق!

قال يسوع: ‘‘أنا هو الطريق. أنا هو الطريق الذي يقود إلى السماء، مسكن الله.’’ ‘‘أنا هو الطريق والحق والحياة. لا يقدر أحدٌ أن يأتي إلى الله الآب إلا بي.’’ (يوحنا 6:14)
لم يتكلَّم أحدٌ قط مثل الرب يسوع المسيح! فهو فريدٌ، وليس له نظير! غير أن مجد يسوع لا يتوقَّف عند ميلاده وشخصيته وكلامه. إذ نستطيع أن نراه أيضاً في أعماله.

4- ما رأيك في يسوع وأعماله العجيبة؟
فهو يستطيع أن يفعل أي شيء. كل قوة وكل سلطان أُعطِي له. كل الأعمال التي عملها الله، عملها الرب يسوع أيضاً على الأرض؛ كي يُعرِّف الناس من هو، ومن أين جاء.
.. فمن يستطيع أن يهدئ الريح غير الله؟ .. يسوع، هدأ الريح!
.. من يستطيع أن يقيم الموتى غير الله؟ .. يسوع، أقام الموتى!
.. من يستطيع أن يفتح عيني العميان غير الله؟ .. يسوع، فعل ذلك أيضاً.
.. لقد شفى كل أنواع الأمراض.
.. كان ينطق بكلمة واحدة، فتهرب الشياطين.
.. غيَّر حياة الكثيرين، وخلَّصهم من خطاياهم.
لقد أعطى الله القدرة لبعض الأنبياء أن يصنعوا معجزات معيَّنة. ولكن الرب يسوع صنع معجزاتٍ بسلطانه وقوته الخاصة. فهو الشخص الذي استطاع أن يقف بجانب رجلٍ مشلول، وينظر إليه، ويقول: ‘‘لك أقول قم، واحمل فراشك، واذهب إلى بيتك!’’ (لوقا 22:5) فقام الرجل، وذهب إلى بيته وهو يسبِّح الله! لم يكن يسوع يشفي المرضى بالأدوية أو بالسحر، بل بقوة وسلطان كلمته وحدها.

كان هناك رجلٌ يدعى لعازر. هذا الرجل مات ودُفِن. وعندما وصل يسوع إلى قريته، كان للعازر أربعة أيام في القبر. ولكن يسوع ذهب إلى القبر، ونادى قائلاً: ‘‘لعازر، هلمَّ خارجاً!’’ (يوحنا 43:11) فخرج لعازر من القبر.
نعم، إن يسوع لديه السلطان أن يقيم الموتى؛ ولهذا السبب استطاع أن يقول: ‘‘أنا هو القيامة والحياة!’’ (يوحنا 25:11) وسيأتي اليوم حين يسمع كل من في القبور صوته، ويقومون ليقفوا أمامه.

صديقي المستمع ..
أنت أيضاً ستخرج من القبر، إن كنتَ قد متَّ. حتى الآن، يستطيع الرب يسوع أن يعطيك حياةً جديدة، وسلطاناً أن تعيش إلى الأبد في الفردوس؛ ذلك إن آمنت به كمخلِّصٍ وربٍّ. إن الرب يسوع مازال يغيِّر حياة الكثيرين في كل أنحاء العالم. وهو يستطيع أن يغيِّر حياتك أنت أيضاً.
ما رأيك في يسوع؟ وما رأيك في أعماله؟ الا ترى أنه فريد، وقدير، وليس له نظير؟
صديقي .. قبل أن نتركك اليوم، دعنا نسألك سؤالاً آخر:

5- ما رأيك في يسوع وأسمائه وألقابه؟
إن يسوع، كما رأينا في كتابات الأنبياء، له العشرات من الأسماء والألقاب. وهذه الأسماء تساعدنا أن نفهم بصورة أوضح، من هو يسوع. إذ يُدعَى يسوع على سبيل المثال:
عمانوئيل .. الكلمة .. ابن الإنسان .. حمل الله .. الفادي .. المخلِّص .. خبز الحياة .. الكرمة الحقيقية .. الراعي الصالح .. نور العالم .. رب المجد .. القيامة .. الألف والياء، والأول والآخِر، والبداية والنهاية .. الباب .. الطريق، والحق، والحياة .. وابن الله!

رأينا أن نبي الله موسى .. دُعيَ ‘‘رجل الله’’.
والنبي إبراهيم .. دُعيَ ‘‘خليل الله’’.
ولكن لا أحد دُعيَ ‘‘ابن الله’’ إلا واحدٌ وحسب. فمن هو أقرب قريب للإنسان: صديقه أم ابنه؟ فلنتكلَّم بالحقيقة التي في قلوبنا. نعم، لقد دُعِيَ يسوع ‘‘ابن الله’’، ودعاه الله ‘‘ابنه’’؛ كي يميِّزَه عن الآخرين. وقد رأينا في الإنجيل أن الله أعلن عن يسوع قائلاً: ‘‘هذا هو ابني الحبيب الذي به سُرِرت، له اسمعوا!’’ (متى 5:17) ولكن، ماذا كان يعني الله بهذا؟
نقول، أن الابن هو ظل الآب، وهو يعكس صورة الآب. فقد أرانا يسوع صورة الله وطبيعته. هذا هو ما تؤكِّده كلمة الله عندما تقول:
‘‘الله لم يره أحدٌ قط. الابن الوحيد، الذي هو في حضن الآب، هو خبَّر (أي خبَّر عن الآب وكشف عنه)’’ (يوحنا 18:1)

صديقي .. هل تريد أن تعرف الله، وأن يكون لك علاقةٌ جميلةٌ وعجيبةٌ معه للأبد؟ فلتأتِ إذن للرب يسوع، الذي دعاه الله ‘‘ابنه’’. إن الابن يستطيع أن يتكلَّم باسم أبيه. وهذا هو ما فعله يسوع عندما كان على الأرض بيننا. ولهذا السبب، دُعِي يسوع ‘‘عمانوئيل’’، أي ‘‘الله معنا’’.

يفترض البعض أن الله لا يمكن أن يظهر على الأرض في جسد إنسان. غير أن من يفكِّر بهذه الطريقة، لم يفهم بعد الخطة التي رسمها الله ليخلِّص الخطاة. هذه الخطة، تطلَّبت أن يظهر ابن الله السرمدي على الأرض في جسد إنسان، ليعلن عن ذاته لنسل آدم، ويخلِّصهم من قبضة الشيطان.

أصدقائي .. إن اللهُ أكبر .. وهو يستطيع أن يفعل أيَّ شيء. وهو يريد أن يعرفه الجميع. ولهذا السبب صار إنساناً، وعاش بيننا على الأرض.

أصدقائي المستمعين ..
.. ما رأيكم في المسيَّا وأسمائه وألقابه؟ إنه ليس له نظير!
.. ما رأيكم في ميلاده، وشخصيته، وكلماته، وأعماله؟
.. من تعتقدون أنه هو؟ .. ‘‘ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟’’ (متى 42:22)

أعزائي المستمعين ..
لقد انتهي وقت حلقتنا اليوم ..
نشكركم على كريم إصغائكم!
وفي حلقتنا القادمة، باذن الله، سوف نسأل خمسة أسئلة أخرى عن يسوع، ونجيب عليها. وهكذا، نكمل رحلتنا في الكتاب المقدس ..

وليبارككم الله وأنتم تتأمَّلون في كلمة الله، في الآية التي تقول:
‘‘فإنه في المسيح يَحِلُّ كلُّ ملء الله جسدياً. وأنتم مملوؤن في المسيح.’’
(كولوسي 9: 2، 10)
ـــــــــــــ

 

 الدرس المئة  | فهرس دراسات طريق البِرّ | المكتبة | الصفحة الرئيسية