89
الإنجيل ـ الخبر السار!

 

أصدقائي المستمعين ..
نحيِّيكم باسم الله ، رب السلام ، الذي يريد أن يفهم الجميع طريق البرِّ الذي أسَّسه ، وأن يخضعوا لهذا الطريق ، فيكون لهم سلامٌ حقيقيٌّ معه إلى الأبد. يسعدنا أن نكون معكم مرة ثانية اليوم ، لنقدِّم لكم حلقة أخرى من برنامجكم .. ‘‘طريق البر’’!

في دراستنا في كتاب الإنجيل (أو الخبر السار)، سمعنا الرب يسوع، بعد قيامته، يأمر تلاميذه، قائلاً: ‘‘اذهبوا إلى العالم أجمع، واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها.’’ (مرقس 15:16)
وبعد أن أُصعِد يسوع إلى السماء، كتب رجل اسمه ‘‘بولس’’، كان قد تغيَّر إلى تابع مخلص للمسيح بعد ما كان يهودياً غيوراً شرساً، كتب يقول:
‘‘بولس عبد يسوع المسيح. الرسول المدعو، والمفرز لإنجيل الله (أي خبره السار). هذا الإنجيل الذي سبق فوعد به من قبل على ألسنة أنبيائه، في الكتب المقدسة. .. إني لست أستحي بإنجيل المسيح؛ لأنه قوة الله للخلاص لكل من يؤمن .. لأن فيه قد أُعلِن البر الذي يمنحه الله على أساس الإيمان، من البداية إلى النهاية!’’ (رومية 1:1 ،2 ،16 ،17)

الخبر السار، الخبر السار! ما هو هذا الخبر السار الذي تخبرنا به كلمة الله مرة بعد مرة؟ اليوم، وبعون الله، نود أن نتكلَّم عن هذا الخبر السار الذي ينادي به الكتاب المقدس. ولكن قبل أن نتكلَّم عن ‘‘الخبر السار’’، نحتاج أن نتذكَّر ‘‘الخبر المحزن’’!

ما هو الخبرالمحزن؟
ربما نتذكر أن في البدء، بعد ما خلق الله السموات والأرض، خلق الله آدم وحواء، ووضعهم في جنة الفردوس الأرضية. لقد خلقهما الله؛ لكي يعرفاه ويحباه ويطيعاه ويمجِّداه للأبد. ولكن، لكي يختبرهما الله، قال لآدم: ‘‘من كل شجر الجنة تأكل. وأما الشجرة التي في وسط الجنة، شجرة معرفة الخير والشر، فلا تأكل منها أبداً. لأنك يوم تأكل منها، موتاً تموت!’’
والخبر المحزن هو أن آدم وحواء أصغيا إلى كلام الحية، التي هي إبليس، التي أغرتهما أن يأكلا من الشجرة الممنوعة. هذه الخطية، خطية آدم وحواء، جلبت المشاكل والموت على كل العالم، إذ لم تلوِّث هذه الخطية آدم وحواء وحدهما، بل ولوَّثت كل نسلهما أيضاً. وكما يقول المثل: ‘‘الوبأ لا ينحصر في مصدره!’’، كذلك تقول كلمة الله:
‘‘وُضِع للناس أن يموتوا مرة، ثم بعد ذلك الدينونة! .. هوذا الرب آتٍ؛ ليدين الجميع، ويعاقب فجَّارهم على جميع فجورهم التي فجروا بها، وعلى جميع الكلمات الصعبة التي تكلَّم بها عليه الخطاة الفجَّار!’’ (عبرانيين 27:9 ؛ يهوذا 5)

وهكذا، فإن الخبر المحزن هو أننا جميعاً خطاة، ولا بد أن نواجه دينونة الله العادلة!

أما الخبرالسار فهو ذلك الإعلان الذي أعلنه الله، كلِّي الرحمة، هناك في جنة الفردوس، أنه سوف يرسل إلى العالم، يوماً ما، شخصاً بلا خطية، مولوداً من عذراء. وهذا الشخص القدوس، الفادي البار، سيقدِّم نفسه للموت كذبيحة، ليدفع ثمن خطايا آدم وكل نسله. إذ تقع عقوبة الخطية، التي نستحقها نحن، على هذا الفادي الذي بلا خطية. هذا هو الخبر السار الذي أعلنه الله يوم أخطأ آدم وحواء في الجنة.

لقد استخدم الله أشخاصاً عديدين ليعلن عن مجيء هذا الفادي، الذي يُدعَى أيضاً ‘‘المسيَّا’’. فكل نبيٍّ من أنبياء الله أعلن شيئاً عن المسيَّا، حتى إذا جاء، يستطيع كل إنسان أن يدرك أنه الشخص الذي عيَّنه الله. وعلى سبيل المثال، تنبأ ‘‘إشعياء النبي’’، الذي عاش قبل المسيَّا بنحو سبعمئة عام، عن كيف سيُولَد المسيَّا، قائلاً: ‘‘هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً. ويُدعَى اسمه "عمانوئيل"، الذي تفسيره "الله معنا".’’ (متى 23:1 ؛ إشعياء 14:7)
وتنبأ نبيٌّ آخر، وهو ‘‘ميخا النبي’’، أن المسيَّا سيأتي من السماء، ويُولَد على الأرض، في قرية ‘‘بيت لحم’’. وهذا بالتحديد، هو المكان الذي وُلِد فيه المسيَّا. إلا أن ميخا تنبأ عن هذا قبل ولادة المسيَّا بمئات السنين.

ولكن الأنبياء لم يتنبأوا عن ولادة المسيَّا وحسب. بل تنبأوا أيضاً أن المسيَّا سيتألم ويموت بدلاً من الخطاة. وعلى سبيل المثال، كتب ‘‘داود النبي’’ أن الناس سيحتقروا المسيَّا، ويعذِّبوه، ويثقبوا يديه ورجليه، ويقتلوه. ولم يعلن داود النبي موت المسيَّا وحسب، بل تنبأ أيضاً أن الله سيقيم المسيَّا من الأموات، مبرهناً بذلك على أنه المخلِّص الوحيد الذي أرسله الله ليخلِّص نسل آدم من عقوبة الخطية.

ليس هناك جدال كبير على ولادة المسيَّا، ولكن الكثيرين يتعثَّرون في موته وقيامته. فهم لا يفهمون كيف استطاع الله أن يقف في موقف المتفرج، بينما كان البشر يهينون المسيَّا الذي أرسله. إن ما يفشل الكثيرون في فهمه، هو أن الله، الذي يحبنا، هو ذاته الذي قصد أن يتألَّم المسيَّا كل هذا الألم من أجل خطايانا. وهذا هو ما تنبأ به الأنبياء، عندما قالوا:
‘‘أما الرب فسُرَّ أن يسحق المسيَّا بالحزن؛ ليكون ذبيحةً تكفِّر عن الخطية!’’
(إشعياء 10:53)
أصدقائي ..
هل نصدِّق الأنبياء؟ نحن نقول أننا نصدِّقهم. ولكن، إن كنا نصدِّق الأنبياء حقاً، لكُنَّا صدَّقنا أيضاً ما كتبوه. فينبغي أن نتذكَّر أن الأنبياء لم يتكلَّموا من ذاتهم، ولم ينادوا بأفكارهم الشخصية. ولكن الله هو الذي غرس في أرواحهم واذهانهم ما ينبغي أن يقولوه. ومن ثمَّ، فإن كنا نرفض أن نصدِّق أولئك الأنبياء، فمن هو حقاً الذي نرفضه؟ إنه الله! إننا نرفض الله؛ لأنه هو الذي ألهم الأنبياء أن يتنبأوا أن المسيَّا سيموت كذبيحة ليكفِّر عن الخطية.
لقد دبَّر الله موت المسيَّا، لأنه يحب العالم، ولا يريد أن يهلك أحد. فقد كان من الضروري أن يموت إنسان بار من أجل الفجَّار وغير الأبرار؛ لكي يخلِّصهم من دينونة الله. وهذا ما كانت ترمز إليه خراف الذبيحة في القديم. إن يسوع المسيح، الذي وُلِد من عذراء بقوة الروح القدس، هو الذبيحة الكاملة والنهائية التي أعطاها الله. وحيث أننا لدينا الآن الذبيحة الكاملة والدائمة من أجل الخطية، فليس هناك أي احتياج أن نظل نقدِّم ذبائح ناقصة ورمزية. هل تتذكَّر ما قاله الرب يسوع على الصليب قبل أن يموت؟ لقد قال: ‘‘قد أُكمِل!’’ (يوحنا 30:19) إذ دفع دين خطيتنا، مرة واحدة وإلى الأبد. وما تبقَّى علينا أن نعمله هو الإيمان بعمله! فكما قرأنا من قبل، يقول الكتاب: إن الخبر السار الخاص بموت يسوع المسيح وقيامته هو ‘‘قوة الله للخلاص، لكل من يؤمن!’’ (رومية 16:1)

ولكن للأسف، هناك الكثيرون الذين يرفضون أن يؤمنوا به، قائلين أن كل هذا الحديث عن موت يسوع وقيامته، هو قصة مختَلَقَة. ومع ذلك، عندما نقرأ الإنجيل، نكتشف أن كل ما تنبأ به الأنبياء عن المسيَّا، قد تمَّمه يسوع المسيح. كل شيء عن ولادته وحياته وموته وقيامته وصعوده. وهكذا، يعلن الإنجيل أن ‘‘المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب (أي كتب الأنبياء). ودُفِن وقام في اليوم الثالث حسب الكتب (كتب الأنبياء أيضاً).’’ (1كورنثوس 16:1)

لقد حدث كل شيء تماماً كما تنبأ الأنبياء. .. أولئك الذين كرهوا يسوع، استهزأوا به وعذَّبوه وقتلوه؛ .. وأولئك الذين أحبوه، دفنوه. إلا أن الموت لم يستطع أن يُمسكَه في القبر. فقد رأينا، أن في اليوم الثالث بعد صلبه، استيقظ بعد النساء باكراً في الفجر، وذهبن إلى القبر حيث كان مدفوناً، فاكتشفن أن القبر مفتوحٌ وفارغ! وبعد ما مات يسوع وقام، ظل يظهر لتلاميذه مدة أربعين يوماً. ورآه أكثر من خمسمئة شخص دفعة واحدة. لقد كان أمراً حقيقياً! المسيَّا قهر الموت، الذي هو ألد أعداء الإنسان. لقد أثبتت قيامة يسوع أن الله قبل ذبيحته كثمنٍ كاملٍ لخطايا نسل آدم، حتى كل من يؤمن به يشترك في حياته الأبدية.

هذا هو الخبر السار: الرب يسوع المسيح مات ليكفِّر عن خطاياك، وقام وخرج من القبر في اليوم الثالث ليمنحك حياة أبدية. فالغرض من هذا الخبر السار هو أن يَخلُص كل من يصدِّقه. ولذلك، فالسؤال الذي ينبغي أن تجيب عليه هو: هل تصدِّقه؟ تقول كلمة الله: ‘‘اليوم يوم خلاص. إن سمعت صوته، فلا تقسُّي قلبك! صدِّق!’’ إن الخلاص ليس نتيجة الأعمال التي نعملها؛ لأن لا أحد يستطيع أن يعمل أعمالاً كافية ليشتري بها الفردوس. فالله لن يبيعك خلاصه العظيم أبداً؛ بل يريد أن يمنحك إياه كهبة. فقد تمنحك الصلاة والصوم إحساساً جميلاً داخلك بالرضا عن النفس، لكنهما لا يرضيان بر الله وعدله! إذ هناك طريقة واحدة يمكنك بها أن تدخل الفردوس:
أولاً: لا بد أن تدرك أولاً أنك خاطئ، وليس لديك أي قوة تستطيع بها أن ترضي الله.
ثانياً: لا بد أن تصدِّق أن يسوع المسيح هو المخلِّص، الذي أرسله الله ليموت على
الصليب ليكفِّر عن خطاياك، وأن الله أقامه من الأموات لكي يمنحك حياةً أبدية.

فإن صدَّقت هذا الخبر السار، فإنك تستطيع أن تتأكد أنك سوف تؤخذ إلى الفردوس بعد مماتك؛ لأن الله نفسه وعدنا في كلمته أننا نستطيع أن نعرف أن لنا حياة أبدية، إن آمنا باسم الرب يسوع المسيح. (1يوحنا 9:5-13)

(فيما يلي اختبار ‘‘مالك’’ الشخصي)
دعوني أتوقف هنا؛ لأخبركم كيف صرت مؤمناً بيسوع المسيح.
كنت في صغري مخلِصاُ في أن أصلي خمس مرات في اليوم، وأن أصوم الصيام السنوي، ولكني لم أكن أعرف إلى أين سأذهب بعد موتي. ورحت أسأل كل من حولي، ولكني لم أحصل على أي إجابة واضحة. ولكن عندما درست الإنجيل، اكتشفت أني أستطيع أن أعرف أين سأذهب بعد موتي؛ لأن يسوع المسيَّا نفسه يقول في الإنجيل:
‘‘الحق الحق أقول لكم، إن من يسمع كلامي، ويؤمن بالذي أرسلني، فله حياة أبدية، ولا يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة.’’ (يوحنا 24:5)
وقال أيضاً: ‘‘أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي، ولو مات، فسيحيا!’’
(يوحنا 25:11)
وهكذا، تبت ورجعت عن الإعتماد على مجهوداتي الشخصية لأخلِّص نفسي، وآمنت بالمسيَّا الذي تنبأ به جميع الأنبياء، قائلين: ‘‘إن كل من يؤمن به، ينال باسمه غفران الخطايا.’’ (أعمال 43:10) ووضعت كل رجائي في الرب يسوع المسيح. ومن هذه اللحظة وحتى الآن، وانا أتمتع بالسلام الذي منحه الله لروحي، وذهب عني كل انزعاج الضمير. وسيكون مستقبلي سعيداً باهراً؛ بسبب عمل يسوع من أجلي على الصليب. وفي حياتي، كتلميذ للمسيح، أواجه أحياناُ الضيقات والآلام؛ لأن إيماني يختلف عن آراء أقاربي وأصدقائي. ولكني أتمتع بالسلام. سلام الله يملاً قلبي وعقلي. ويسوع الذي منحه لي، قال:
‘‘إن كان العالم يبغضكم، فاعلموا أنه قد أبغضني أولاً .. سلاماً أترك لكم. سلامي أعطيكم. ليس كما يعطيكم العالم، أعطيكم أنا. لا تضطرب قلوبكم، ولا ترهب.’’
(يوحنا 18:15 ؛ 27:14)
أصدقائي .. إن ما عمله الرب فيَّ ومن أجلي، يستطيع أن يعمله أيضاً في كل واحد منكم. وهو لا يطلب منكم إلا شيئاً واحداً: أن تعطيه كل قلبك. وهو سيقوم بالباقي. لأن الرب يسوع نفسه قال: ‘‘تعالوا إليَّ يا جميع المُتعَبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم. احملوا نيري عليكم، وتعلموا مني. لأني وديع ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم.’’ (متى 28:11 ،29)

هل أنت متعب ومثقَّل بخطاياك؟ هل تحب أن تجد راحة لنفسك؟ إن آمنت بالخبر السار، أن المسيا مات من أجلك وقام من أجلك، فإن الله سيغفر لك خطاياك، ويحسبك باراً، ويكتب اسمك في سفر الحياة. إن صدّقت هذا الخبر السار، سيميِّزك الله كخاصته، ويضع روح يسوع في قلبك. والروح القدس، الذي يعيش في داخلك، سيغيِّر قلبك، وحياتك، وأسلوب معيشتك؛ لأن الكتاب يقول: ‘‘إن كان أحدٌ في المسيح، فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت. هوذا الكل قد صار جديداً.’’ (2كورنثوس 17:5)

صديقي ..
مهما كنت وأينما كنت، سواءً كنت رجلاً أم امرأة، كبيراً أم صغيراُ، اعلم أن الرب يسوع المسيح يستطيع أن يهبك حياة جديدة، إن آمنت به. لقد مات من أجلك، لكي تحيا مع الله للأبد. هل تصدِّق هذا الخبر السار؟
مستمعينا الأعزاء ..
نشكركم على كريم إصغائكم..! ونترككم مع هذه الآية من كلمة الله، والتي تتكلم عن اليقين العجيب الذي يعطيه الله لكل من يضع رجاءه في خبر الله السار للخلاص. يقول الكتاب:
‘‘الله قد خلَّصنا، ودعانا إليه دعوةً مقدسة، لا على أساس أعمالنا، بل بموجب قصده ونعمته التي وُهِبت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية. والتي أُظهِرَت الآن بظهور مخلِّصنا يسوع المسيح، الذي سحق الموت، وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل!’’
(2تيموثاوس 9:1، 10)
ــــــــــــ
 

 الدرس التسعون | فهرس دراسات طريق البِرّ | المكتبة | الصفحة الرئيسية